للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفاعة الشافعين، ولا يغني مال يعطى فدية عن العاصين، ولا تنفع صداقة لدى الرؤساء وذوي الثراء، كما كانت تجري في الدنيا نفعًا، وبها تحل كل مهمة هنا انتقل إلى تقرير أصول الدين من توحيد الله وتنزيهه حتى يستشعر العبد، عظيم سلطانه ووجوب الطاعة لأمره، والإذعان لحكمه والوقوف عند حدوده، وبذل المال في سبيله وعدم الركون إلى شفاعة الشافعين، ولا الفدية بمال ولا بنين.

[الإيضاح]

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أي الإله الحق الذي يستحق أن يعبد، هو الله الواحد الصمد، ذو الملك والملكوت، الحي الذي لا يموت، القائم بتدبير أمر عباده يكلؤهم ويحفظهم ويرزقهم.

{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} أي لا يعتريه نوم ولا مقدماته، وإذا كان كذلك، كان قائمًا بتدبير شؤون عباده، في جميع الأوقات آناء الليل وأطراف النهار، وقد جاء النظم الكريم بحسب الترتيب الطبيعي في الوجود، فنفى ما يعرض أولًا وهو السِّنَة، ثم ما يتبعها وهو النوم، أو بعبارة أخرى -هو ترق في نفي النقص عنه، فإن من لا تغلبه السِنَة، قد يغلبه النوم لأنه أقوى، فذكر النوم بعد السِنَة، ترق من نفي الأضعف إلى نفي الأقوى.

والخلاصة- أن هذه الجملة مؤكدة لما قبلها، مقررة لمعنى الحياة والقيومية على أتم وجه، إذ من تأخذه السِنَة والنوم، يكون ضعيف الحياة ضعيف القيام بشؤون نفسه وبشؤون غيره.

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فكل من فيهما وما فيهما ملكه وعبيده، خاضعون لمشيئته وهو المصرف لشؤونهم الحافظ لوجودهم، وهذه الجملة تأكيد ثان لقيوميته، واحتجاج بها على تفرده في الألوهية، لأنه تعالى خلقهما بما فيهما.

{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} أي من ذا الذي يستطيع من عبيده أن يغير ما مضت به سنته، وقضت به حكمته، وأوعدت به شريعته، من تعذيب ذوي العقائد

<<  <  ج: ص:  >  >>