ويتحدث في الفصل الأول عن قضايا الاتجاه الهدائي، ويعرض فيه لفكرة الهداية القرآنية وموقعها عند المفسرين، فمدرسة المنار أسهمت في نهضة الشرق وتخليصه من الوهم والتقليد والضعف- ورأت أن تناول القرآن ينبغي أن يسهم في خلق وعي اجتماعي وثقافي جديد، ويوطئ السبل أمام الحرية الفكرية، هذا وقد حاول أصحاب الاتجاه الهدائي استخلاص وجوه الهداية والعظة حول محتويات السورة القرآنية، ووضعها في مكان خاص بها قبل تفسير السورة القرآنية أو بعده، ومن المؤكد أن المفسر الحديث قد أفاد كثيرًا من منهج القرآن الهدائي وأسلوبه الفريد الذي أحدث به ثورة إنسانية، ومدرسة المنار ترى أن حشر العلوم المادية في التفسير من الصوارف عن هداية القرآن الكريم، ولكن هذا الموقف اهتز وتلاشى تدريجيًا خلال التفسير التطبيقي فهناك عقائد ارتبطت البرهنة عليها بآيات الله الكونية، وقامت حجة القرآن فيها على النظر من ملكوت الله وتعرف أسرار الكون، أما أصحاب الاتجاه العلمي فهم يرون أن الهداية القرآنية تتحقق بسلوك طريق العلم الذي سلكوه، وفسروا على أساسه آيات الله الكريمة، ويستشهدون لذلك بإيمان كثير من العلماء الماديين واقتناعهم بهذا القرآن بعد أن عرفوا سبقه إلى مجالات علمية كثيرة.
ويتحدث الكاتب عن ترتيب القرآن، ويعرض لآراء الغربيين الذين يرون أن لو رتب القرآن ترتيبًا تاريخيًا أو منطقيًا أو موضوعيًا على غرار كتبهم المقدسة. ويذكر أن للقرآن ترتيبين أحدهما الترتيب الحالي المعروف بالترتيب التوقيفي والثاني ترتيب النزول الذي يساير حركات النفس الإنسانية وتفاعلها مع الدعوة الجديدة. ويرى أن القرآن بهذين الترتيبين أصبح وحده هو الكتاب الذي يعطيك منهجًا عالميًا جامعًا محكمًا فهو منهج لتأسيس دعوة وأسلوب إقناع بعقيدته وطريقة تبشير وإنذار، ودحض كامل لمنطق الإلحاد، وهو أسلوب حياة وبناء حضارة ودستور للعالم كله.