{أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} أي أولئك الأبرار الراسخون في أصول الإيمان الخمس، والمنفقون المال في مواضعه الستة، والمقيمون الصلاة الروحية والاجتماعية والمؤتون الزكاة التي عليها مدار أمور الملة المالية والسياسية، والموفون بعهودهم الثلاثة الدينية والمالية والحربية، والصابرون في مواقف الشدة الثلاثة، هم الذين صدقوا الله في دعوى الإيمان دون الذين قالوا: آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم.
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الذين تشهد لهم بالتقوى أعمالهم وأموالهم.
والتقوى أن تجعل بينك وبين سخط الله وعقابه وقاية، بأن تتحامى أسباب خذلانه في الدنيا وعذابه في الآخرة.
هذه أهم خصائص تفسير المنار، وهنالك أمور اشترك فيها مع الشيخ محمد عبده، لا داعي لإيرادها هنا، كما أن هناك بعض الأبحاث تقدمت في الباب الأول.
[تقويم التفسير]
وبعد: فهذا تفسير المنار، رأينا الناس مختلفين فيه، قدحًا ومدحًا، وقد تطرف هذا وغالى ذاك، وإن الحديقة الغناء كما تضم الأشجار المثمرة، فإنها تضم كذلك تلك التي لا تثمر، ومع هذه وتلك نرى الشوك والعوسج، وهذان لا يخرجانها عن وصفها بأنها غناء، كذلك تفسير المنار، نجد فيه التفسير المفيد، والعلم الغزير والحجج القاطعة والبراهين الساطعة، وإلى جانب ذلك كله ترفًا عقليًا، واستطراد لا لزوم له، ومع هذا وذاك هفوات وكبوات، كنا نود ألا يتعثر فيها صاحب المنار، ولعل أكثر ما حال بين كثير من الناس، وهذا التفسير أمران اثنان:
أحدهما: استطرادات الشيخ الكثيرة.
ثانيهما: قسوته على مخالفيه.
وربما كانت هذه أكثر أثرًا في ابتعاد كثيرين عنه وتنكرهم له، وإذا ضممنا إلى