للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أخبار أهل الكتاب ليست من مصادر التفسير عند الصحابة]

إذا كانت مصادر التفسير عند الصحابة -كما سبق أن قلنا- الكتاب والسنة ومعرفتهم بلغة العرب وأسباب النزول وما منَّ الله عليهم من رأي ثاقب صائب فهل كانوا في حاجة إلى أهل الكتاب ليستعينوا بهم على تفسير القرآن، كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين؟

للإجابة عن هذا لا بد أن نتبين أن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام، أراد أن يشد الصحابة رضوان الله عليهم، إلى شيء واحد هو القرآن، حتى لا ينصرفوا إلى غيره فهذا هو الرسول عليه الصلاة والسلام يدخل المسجد، فيجد الناس قد اجتمعوا حول واحد يحدثهم، فيقول: (ما هذا؟ فيقال رجل يحدث عن أنساب العرب! فيقول عليه وآله الصلاة والسلام: (هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر. ثم يقول: العلم ثلاثة: آية محكمة، وفريضة قائمة، وسنة متبعة) (١). ولما رأى عمر رضي الله عنه يقرأ صحيفة من التوراة غضب، وقال: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل. والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني) (٢). وفي رواية: (يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلام وخواتمه، واختصر لي الكلام اختصارًا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا) (٣) وهذا هو ابن عباس رضي الله عنهما يقول فيما رواه البخاري (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه، أحدث الأخبار بالله، تقرأونه لم يُشَب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله، وغيروا بأيديهم الكتاب. فقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنًا


(١) أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي. انظر فيض القدير جـ ٤ ص ٣٨٦.
(٢) فتح الباري ١٧/ ٣٠٩ طبعة اللحلبي.
(٣) أخرجه أبو يعلى. قال الحافظ في الفتح جزء ١٧ صفحة ٣٠٩ بعد روايته لهذا الحديث في سنده عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>