إن الأقدمين لم تكن لهم حاجة كبيرة لدراسة موضوعات القرآن الكريم على هذا النحو، فهم حفاظ القرآن الكريم ودرايتهم بالثقافة الإسلامية واضحة عميقة ولذا فإن لديهم القدرة على ربط ما تفيده الآية المتعلقة بموضوع معين بما يوضحها من معلوماته الخاصة بالموضوع نفسه (١)، أما في العصر الحديث فالحاجة ماسة لتجديد أساليب الدعوى لمجاراة الحالة الراهنة التي نعيش فيها، فقد توالت النكبات بالأمة وبالمسلمين وكانت الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين من كلّ حدب وصوب، وهذا دفع العلماء إلى أن يقاوموا الضلال، والظلم بأقلامهم وأفكارهم، فكتب مثلًا الشيخ شلتوت (القرآن والمرأة) و (القرآن والقتال) وكتب عزة دروزة (اليهود في القرآن) وكتب العقاد (المرأة في القرآن) فكانت هذه بواكير لتأصيل مدرسة التفسير الموضوعي.
إن القرآن الكريم دعوة عالمية تهدف إلى تطهير العادات وتوضيح العقائد وإلغاء العنصرية وإحقاق الحق والعدل، ولهذا فقد دعا سبحانه إلى فهم القرآن وتدبره ودراسته دراسة تكشف للناس ما فيه من تشريعات ومبادئ تشعرهم بما للقرآن من اتصال بالنظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية - والحربية والسلوك الأخلاقي، وطلاب العلم - كما يرى بعضهم - لا يمكنهم الوصول إلى هذا الغرض من كتب التفسير التحليلي، فهي لن تعينهم على الوصول إلى أهداف الموضوعات القرآنية ولذا كانت الحاجة ماسة إلى هذا العلم.
[منهج البحث في التفسير الموضوعي]
ولزامًا على الذي أراد أن يسلك هذا الاتجاه، أن يقوم أولًا بجمع الآيات في الموضوع الواحد، وقبل أن يصدر حكمه أو يستخرج أحكامها، يجب عليه: