فأين هذا ممن يسكتون عن المنكر، ويجبنون عن كلمة الحق، بل ربما حرفوا شرع الله ليوافق رغبة الحاكم.
[نماذج من تفسيره]
ولعل من الخير أن نأتي بنماذج من التفسير، تتبين لنا من خلالها تلك الخصائص التي تحدثت عنها آنفًا.
فمثلًا يدلنا على وقوفه عند مبهمات القرآن وعدم تجاوزها، تفسيره قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[البقرة: ١٨٣].
حيث يقول:(ونحن لا نعلم ما هو الذي فرضه الله على الأمم السابقة من قبل، أهو شهر رمضان كما قال بعض الناس؟ أم غيره؟ وليس لنا ما يهدينا إلى شيء معين من دليل يطمئن إليه القلب، والتشبيه لا يدل على المماثلة في كل شيء، فنحن نؤمن بأن صومًا فرض على الأمم السابقة، لا نعلم مقداره ولا كيفيته، ولا يزال الصوم معروفًا عند الأمم الأخرى على أوضاع مختلفة.
وكذلك تفسيره لقوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}[لقمان: ١٢] ... يقول: (اختلف الناس في لقمان هذا من هو! ومن أي الأمم هو؟ فقيل إنه من بني إسرائيل، وقيل إنه كان عبدًا حبشيًا، وقيل إنه أسود من سودان مصر، وقيل إنه يوناني، ومن الناس من جعله نجارًا، ومنهم من جعله راعي غنم، ومنهم من قال إنه نبي، ومنهم من قال إنه حكيم، وكل هذه الأقوال ليس لها سند يعول عليه، وبعد أن وصفه الله بالحكمة فلا يرفع من شأنه أنه كان من أشرف الأمم، ولا يضع من قدره أن كان زنجيًا مملوكًا).
فنحن نرى أن الأستاذ لم يخض فيما خاض فيه كثير من المفسرين، ولم تستهوه القصص المنسوجة حول لقمان، ولا الأقوال المحبوكة حول صيام من قبلنا، وما