هو نصيب كل أمة من الأمم منه، وهذا لم يكن جديدًا مبتكرًا من الشيخ؛ لأنه قد سبق إليه، إلا أن نهجه هذا المنهج، إنما ينم عن دقة فهم لهدايات القرآن.
ولقد كان الشيخ يحارب التعصب المذهبي، يدلنا على هذا منهجه الإصلاحي للأزهر، ولعل هذا ما دفعه إلى عدم التقيد بمذهب معين في تفسيره، يقول في درسه التفسيري {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤] وقد روى أحمد ومسلم وأبو داود عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر الصلاة مسيرة ثلاثة أميال، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أنه كان يقصر في الميل الواحد، وإذا نظرنا إلى أن نص القرآن مطلق، وأن كل ما رووه في التخصيص أخبار آحاد، وأنهم لم يتفقوا في التخصيص، جاز لنا أن نقول: إن السفر مطلقًا مبيح للفطر، وهذا رأي داود وغيره من الأئمة.
وهذا يوضح لنا تأثر الشيخ المراغي فقهيًا بأستاذه الإمام.
ويزيد هذا الأمر وضوحًا، تأويل الشيخ لآيات يرى الجمهور فيها رأيًا معينًا، فمثلًا نجده يصرح بأن أبواب الجنة الثمانية وأبواب النار السبعة، لا يقصد فيها العدد بذاته، بل إنما يدل على الكثرة وكذلك عدد السمارات، وذكر أنها سبع لا يقصد منه الحصر.
وهذا أمر لا نوافقه عليه؛ لأن الله إذا عين عددًا، فلا ينبغي ولا يصح أن يقال: إنه إنما ذكر هذا العدد بالذات ليوافق ما يعرفه المستمعون، القرآن يقرر حقائق بقطع النظر عما يعرفه الناس أو لا يعرفونه.
كذلك نرى الشيخ يفسر الرجوم بالحجج، في قول الله تعالى:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}[الملك: ٥]، مع أن هذا التفسير لا يتفق مع آيات أخرى، وقد مرت مناقشة هذه الآراء، عند الحديث عن الشيخ عبد القادر المغربي، أحد رجال هذه المدرسة.