للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصل، ولا شك أن كل رواية تناسب قراءة وإنْ أمكن الجمعُ، وأمّا قوله: وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلَّا هي فنقل للرواية لا تفسيرٌ للفظ القرآن" (١).

٨ - كل ما ذكرتُه من الاختلاف في القراءات ممّا سبق يرجع إلى اللغة وإلى المعنى. وهناك اختلاف في القراءات ينشأ عنه اختلاف في الأحكام الفقهية مثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] والآية في شأن الحيَّض من الأزواج حيث قرئ الفعل المضارع بالتخفيف "يطهُرن" وبالتشديد "يطّهّرن" ونشأ عن ذلك خلاف بين الأئمة في توقيت جواز الوطء.

٩ - ومن ذلك الاختلاف في القراءة في قوله سبحانه: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] فهناك قراءتان صحيحتان: كسر لام وأرجلكم وفتحها، وقد نشأ عن هذا اختلاف في مسح الأرجل أو غسلها.

إن اختلاف القراءات لثروة عظيمة تغني المعنى وتفتح آفاقًا للنظر في كتاب الله تبارك وتعالى.

ثالثًا: الاختلاف الناشئ عن اللغة:

أنزل الله كتابه {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: ٢٨] والمتدبر لكتاب الله، عليه أن يتئد ويتأنى فيما يجب أن تُفَسّر به الآية الكريمة، فقد ترد الكلمة في آية فتُحمَل على معنى، وقد ترد هذه الكلمة نفسها في آية أخرى فتُحمل على معنى آخر.

ولنضرب لكم مثلًا لتوضيح هذه القضية:

قال تعالى في سورة الفتح: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ


(١) روح المعاني: ١٢/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>