المنار، فنهج نهج الشيخ رشيد، ونسج على منواله، كما تقدم ذكر ذلك، ولكنَّ الشيخ رشيد يتوسَّعُ في القضايا اللغوية والآثار النبوية أكثر من الشيخ حسن البنا، رحمه الله الجميع.
وهكذا نرى أن مدرسة المنار تشكل طرفًا كبيرًا في منهج الشيخ البنا في التفسير، وهذا أمر طبيعي كما يرى الشيخ الغزالي الذي يقول:"والذي أراه أن مدرسة المنار هي المهاد الأوحد للصحوة الإِسلامية الحاضرة، وعلى الذين يرفعون القواعد من هذا المهاد أن يجتنبوا بعض الهفوات التي فات فيها الصواب إمامنا الكبير، فما نزعم عصمة له أو لغيره. قال لي الأستاذ حسن البنا عليه الرضوان: إنه تناقش مع الشيخ رشيد في إحدى القضايا الفقهية، واتَّسعت مسافة الخُلف بينهما, ولم يصلا إلى وفاق، ثم رأيتُ الأستاذ البنا يُصدر صحيفة المنار، ويبدأ فيها باب التفسير، فإذا هو يستفتح بسورة الرعد، قلتُ له: لم هذا البدء؟ قال: من حيث انتهى الشيخ الكبير محمد رشيد رضا، قلتُ في نفسي: لا يعرف الرجال إلا الرجال"(١).
٣ - شخصيتهُ البارزة في مناقشة أقوال المفسرين والترجيح بينها: أذكر لذلك بعض الأمثلة والنماذج على سبيل المثال لا الحصر:
أ - قال الشيخ البنا عند تفسير قوله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[التوبة: ٣٦]: "والتقسيم إلى اثني عشر شهرًا إنما جاء بطبيعة البروج والمنازل، فبروج الشمس اثنا عشر، ومنازل القمر اثنا عشر كذلك، وذلك التقسيم قائم منذ تمَّ تكوين هذه المجموعة، فهو في كتاب الله بحكم التكوين منذ خلق السماوات والأرض، ومعنى (الكتاب) على هذا الفهم التقدير الإلهي التكويني، ويرى بعض المفسرين أن هذا التقسيم بحكم الشرع، فمعنى (الكتاب) إذن التقييد الإلهي التشريعي السابق في علم الله تبارك وتعالى، ولعل الأول أولى وأدق وأوفى