للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- القضاء على التعارض والاضطراب، الذي ربما يحدث عند بعض الناس في فهمهم لآيات كتاب الله.

د- إنه يتسق مع روح العصر الذي اعتاد الناس فيه أن تقدم لهم المعارف البشرية، بشكل يظهر فيه طابع الإيجاز، بأقرب الطرق وأبسط الوسائل.

[المآخذ على هذا الاتجاه]

ولكن مع هذه المزايا كلها، فإن لهذه الطريقة مآخذ تقوى وتضعف وتزيد وتنقص تبعًا للمفسر نفسه. فمن المعلوم أن طريقة التفسير التي اعتدناها، تهيّئ لنا معرفة الإعجاز القرآنية في ألفاظه إفرادًا وتركيبًا، وينتقل فيها الذهن من روضة إلى روضة، والتفسير الموضوعي يحرمنا من ذلك كله. ولكن هذه المآخذ لا يشعر بها الجميع بالطبع، وأما ذوو الاختصاص وحدهم يدركون ذلك.

أما أخطر ما في هذا الاتجاه فهو أن لا يحسن المفسر عمله، ولا يتنبه إلى أمر مهم جدًّا، وهو أن القرآن الكريم نزل في ظروف ليست كلها سواء، لذا نراه قد تدرج في الأحكام، فإذا أغفل المفسر هذه الناحية وجمع الآيات كلها بعضها إلى بعضها الآخر دون نظر وتمحيص وتحديد للظرف الذي نزلت فيه كل آية، فإنه يقع ويوقع في مزالق سحيقة في نتائجها السيئة الخطيرة.

فمثلًا وردت آيات الخمر وآيات الربا في أكثر من موضع، فإذا جاء أحد الناس وجمع آيات الخمر فوجد أن منها ما يحرم السُكر في حالة الصلاة، وأن منها ما يدل على أن فيها نفعًا، وأن منها ما يأمر بالاجتناب، فأصدر حكمًا بأن الخمر ليس قطعي التحريم، فإن ذلك قطعًا من الدواهي الكبرى.

وإذا جاء آخر وجمع آيات الربا، فوجد أن منها آيات مطلقة في تحريمها للربا وآيات مقيدة كتلك التي تقول: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠] وقال: أنا أحمل المطلق على المقيد، فلا أحرم الربا إلا إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>