للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، ألا وإن الساعة اقتربت ألا وإن القمر قد انشق، فهذا الكلام من حذيفة في معرض قرب مجيء الساعة وتوقع أحداثها، لا في كلام عن أحداث قد حصلت تأييدًا للرسول وإثباتًا لنبوته، لأن ذلك كان في معرض العظة والاعتبار).

ويرد على ذلك كله -أما أولًا فلأن الساعة قد اقتربت بالفعل، فليس اقترابها أمرًا من أمور المستقبل، وأما ثانيًا فلأنه لم يثبت أن أحدًا من المشركين، أنكر ما جاء في الآية الكريمة، وأما ثالثًا فترده الأحاديث التي نقلها عن أبي داود والطيالسي والبيهقي، بأن أهل مكة سألوا السفار عن ذلك فأيدوا رؤيته، ويكفي أن الحديث ورد في الصحيحين، وأن سياق الآية دال على ذلك، وأما رابعًا فإن قول حذيفة رضي الله عنه، رد عليه وليس حجة له.

[د- تأرجحه في إدريس عليه السلام]

يذكر الشيخ في تفسير سورة مريم عند قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ} [مريم: ٥٦]، ما نقله النسابون عن إدريس عليه السلام (١) ويرده لأنه ينبغي أن نكتفي بما جاء به الكتاب الكريم، كما يقول، ولكنه بعد ذلك مباشرة، ينقل ما قاله علماء الآثار، عن قدماء المصريين من أن إدريس (أوزريس - أموريس)، ويأتي بكلام كثير، خير منه بكثير ما قاله النسابون، وأكثر خيرًا من ذلك كله عدم ذكره.

[هـ- اضطرابه في معرفة ماهية إبليس]

عند تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: ٥٠] لا يكتفي الشيخ بهذا، بل ينقل ما قيل من أن إبليس من الملائكة، وهذا قد سبقه إليه كثير من المفسرين، ولكنه يذكر أن الملائكة والجن لا دليل على وجود فروق جوهرية بينهما، بل هي فروق في الصفات فحسب (٢) وهذا


(١) تفسير المراغي جـ ١٦ ص ٦٣ - ٦٤.
(٢) تفسير المراغي جـ ١٥ ص ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>