وقد يتساءل كثير من الناس بعد هذا التطواف بين هذه المؤلفات لهذه الثلة من الكاتبين، ما الداعي إلى كتبٍ جديدة قد تثقل كاهل القارئ؟ ! وهو تساؤل في محله.
وأجيب عن هذا التساؤل، بأنني من كثر الناس بعدًا عن أن أثقل على القارئ من حيث جيبهُ أو مكتبته أو وقته، والقراء يعلمون، إن وجدت ما يغني في المكتبة، فإني لا أكتب شيئًا. ولكن إذا رجعنا إلى الكتب التي تحدثت عنها، فإننا سنجد أن الكتاب الذي أودّ أن أقدمه إلى القراء، ليس في الكتب السابقة ما يغني عنه، لا لأنني أدّعي أن الكاتبين غير أكفاء، فمعاذ الله وأستغفر الله، ولكنّ هذه الكتب السابقة كان بعضها قد اقتصر فيه مؤلفوه على المقدمات والمبادئ، وبعضها كان الحديث فيها مجملًا وبعضها لم يعرض أصحابها إلى التفسير في العصر الحديث، إلا عرضًا موجزًا وبعضها كان نهج المؤلفين فيها منهجًا وصفيًا فحسب.
أما الكتاب الذي أودّ أن أقدمه للقارئ (اتجاهات التفسير ومناهج المفسرين في العصر الحديث) فليس كتابًا وصفيًا، وإنما سأسير فيه على المنهج التحليلي، مفصلًا فيه كثيرًا من القضايا التي تعني القارئ في هذا العصر، مناقشًا فيه أقوال المفسرين في هذا العصر، بما لا بد منه.
إن كثيرًا من الآراء والمناهج للمفسرين في العصر الحديث، على تعدد مشاربهم واتجاهاتهم، لا بد من تنبيه القارئ على ما فيها من إيجابيات وسلبيات؛ لذا فإن المكتبة القرآنية يظهر أنها بحاجة ماسة إلى دراسة موضوعية لما كتب من تفاسير للقرآن الكريم أو ما كتب حول هذا القرآن. كما أن هناك قضايا كتبت على أنها مسلّمات لا بدّ لها من مناقشة.