للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذهانهم، وهذا الوجه من حكمة ورود المتشابه ظاهر فيما كان من قبيل الصفات ونحوها.

[ب - مسائل العقيدة]

من خلال دراساتنا للتفاسير السابقة، رأينا أن بعضها قد تطرق في تأويل الآيات التي تمس العقيدة، كما فعلت المدرسة العقلية. وأراد بعضها الآخر أن يخضع بعض العقائد الغيبية لمجريات العلم وخداع الخرافة كما فعل الشيخ طنطاوي رحمه الله ومن سار على نهجه في تحضير الأرواح. ولكن الأستاذ الأكبر رحمه الله لم يجر مع هؤلاء، الذين خرجوا بالنص عن دائرة سياقة ولفظه. ولم يجر مع أولئك الذين ساروا وراء سراب الخرافة. ولم يكن الرجل سلبيًّا في موقفه هذا وإنما كان إيجابيًّا، لذا رأيناه يرد على كلا الفريقين منتصرًا لسلف هذه الأمة وأئمتها.

١ - فها هو يرد على القائلين باب رؤية الله يوم القيامة بالعين الباصرة مستحيلة. يقول عند قوله تعالى: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: ٥٥].

وقد يخطر على البال أن هذه الآية تصلح لأن تكون دليلًا على عدم صحة رؤية الله بالعين الباصرة يوم القيامة، فإن الذين طلبوها سلط الله عليهم الصاعقة كما سلط على عبَدة العجل القتل. ويُدفع هذا الخاطر بأن موسى عليه السلام قد علم أن رؤية الله ممكنة، فطلبها كما جاء في سورة الأعراف {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٤٣] وأعلمه الله أن رؤيته في الدنيا بالأبصار لا تقع، وصار هذا أصلًا معروفًا عنده وعند قومه، ولكن بني إسرائيل سألوا الرؤية بالأبصار بعد علمهم بذلك تعنتًا، أو لشك خالجهم، فأخذهم الله بالصاعقة وهم ينظرون، عقوبة لهم على ما سألوا. وورد في الكتاب المجيد آيات تدل على أنه تعالى يُرى يوم القيامة كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢ - ٢٣]. وورد أيضًا من الآيات ما يدل بظاهره على نفيها، ولكن الآيات المثبتة تأيدت بأحاديث صحيحة، فوجب المصير إليها، وفهمُ الآيات الأخرى على وجه يوافق الآيات المؤيَّدة

<<  <  ج: ص:  >  >>