للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة الأحكام، وذلك من أجل ألا ينزلق فيعتقد ما لا ينبغي اعتقاده (١). وهذا الرأي من ابن حجر حري بالتقدير والقبول وهو مناسب فيما أرى.

ومهما يكن من أمر فقد قيض الله لهذه الأمة أعلامًا أجلاء لينقوا لها دينها من كل شائبة وليحفظوا لها تراثها صافيًا.

[الإسرائيليات تتجاوز القصص إلى العقيدة]

ولو أن هذه الإسرائيليات وقفت عند هذه الكمية الضخمة من القصص لكان أمرًا غير متقبل فكيف إذا كان الأمر أشد خطرًا؟

نعم إنما يزيد الأمر خطورة، أن تكون هذه الإسرائيليات ألبست ثوبًا آخر، لتصبح أصلًا من الأصول المعتقدة فيتفرع عنها الكثير مما كان له أثر على كثير من الناس وبخاصة في تفسير كتاب الله. ومن هذه المسائل التي تسربت إلينا، اعتقاد كثير من اليهود أن كتابهم التوراة، ينبغي أن يفهم على أربعة أوجه، ولقد نقلت هذه القضية إلى البيئة الإسلامية.

[هل للقرآن ظهر وبطن؟]

وجدنا من تأثر بهذه القضية وادعى أن للقرآن ظهرًا وبطنًا وحدًا ومطلعًا، حتى إنهم رفعوا ذلك إلى الرسول عليه وآله الصلاة والسلام. فصار هذا القول أصلًا فيما بعد عند كثير من المسلمين لا فرق بين سنة وشيعة ومتصوفة، إذ أخذوا هذا القول على أنه مسلم به، وبدأوا يفسرون كل آية حسب أهوائهم، فإذا قيل لهم إن تفسيركم هذا مخالف لقواعد اللغة وصحيح المنقول، قالوا غاب عنك أن للقرآن ظهرًا وبطنًا وتشعّب البطن إلى بطون كثيرة، وصار الأمر هوى مطاعًا ونحلة فتبعة. ولعمر الحق لقد كان ذلك من أكثر الأبواب خطرًا على القرآن وأهله، بل على الدين كله.


(١) فتح الباري ج ٩/ ١٧، دار المعرفة بيروت ١٣٧٩ هـ. كتاب التفسير باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: ١٣٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>