للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن توجهت إلى أستاذنا الشيخ عليش، وهو جالس بمسجد الإمام الحسين، وادعيت على الشيخ محمد عبده، أنه يصلي العصر بغير وضوء. كانت سنه في ذلك الوقت في نحو الثانية والعشرين، فأرسل معي جمعًا من الطلاب، فوجدناه يصلي، فقطعنا صلاته، وأخذناه عنوة إلى الشيخ عليش، وهناك أمر بتعذيبه فانهلنا عليه ضربًا موجعًا .. ) كما أنه يذكر في نفس التقديم كيف أن الشيخ قد روج عليه بعض العلماء، بأنه تارك للصلاة، ويروي على ذلك قصتين: إحداهما في بيت أحد وجهاء الريف، والأخرى في بيت أحمد باشا تيمور. وكيف أن الله أظهر زيف تلك الدعاوى. وأقول والألم يعتصر في نفسي: إنني سمعت حين كنت طالبًا في الأزهر كثيرًا مما يشابه ما نقله الأستاذ الطناحي.

[٢ - الأدباء والمفكرون]

ومن هؤلاء رئيس الحزب الوطني المرحوم مصطفى كامل، الذي كان يرى أنه لا يمكن أن يتم أي إصلاح في مصر، إلا بعد جلاء الإنجليز. يقول أحمد أمين في كتابه زعماء الإصلاح (١): وحاربه في السياسة الحزب الوطني لأنه لا يرى رأي الأستاذ في إصلاح التعليم أولًا بل بالجلاء أولًا. ولا يرى رأيه في الاعتماد على الشعور، ولا يرى رأيه في مسألة الإنجليز (٢)، بل بمخاصمتهم العنيفة.


(١) زعماء الإصلاح ص ٣٣٦.
(٢) وفي العاشر من هذا الشهر - آذار (مارس) - عام ٢٠٠٥ عقدت بعض الجهات الثقافية في مصر ندوة وذلك بمناسبة مرور مائة عام على انتقال الشيخ إلى رحمة الله تحدث فيها بعض أهل الفكر والأدب، وكان من أهم ما أثير فيها موقف الشيخ السياسي، فقد تساءل بعض المتحدثين: أكان مقبولًا من الشيخ دعوته إلى الإصلاح واختلافه مع الوطنيين الذين يريدون إخراج الإنجليز من مصر، مما كان له آثر في تصدع الإجماع في محاربة الأعداء؛ وأقول كنت أتمنى أن يكون للشيخ غير هذا الموقف، ولقد سمعنا في هذه الأيام، وبلادنا تتعرض لهجمة شرسة من الأمريكان واليهود وغيرهما من الأعداء وها هي الأوضاع في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان وفي الشيشان، بل في العالم الإسلامي كله، تتحفز فيها الشعوب المسلمة لنيل حريتها، لولا طغيان حكامها، أقول: سمعنا من الذين يريدون أن يمكنوا لأعداء الله أعداء الأمة، سمعنا منهم تسويغهم لمساندة الأعداء، وادعاءهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>