عندما يتحدث عن اللغة القرآنية كبند من خطة التفسير يقول:"إن لغة القرآن في مفرداتها وتراكيبها واصطلاحاتها ... هي لغة البيئة النبوية، وإنها مألوفة ومفهومة من أهلها".
ويتدارك المؤلف بأن هذا قد يبدو بديهيًا، ولكن الذي يريد أن يشير إليه أن يلاحظ المفسر هذه الناحية، ثم يقول:"إن العرب وصلوا إلى النفوذ إلى المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية والعلمية والأدبية، إلى درجة غير يسيرة من الرقي متناسبة مع ما عبرت عنه، وأشارت إليه وتضمنته لغة القرآن، مما هو نتيجة لازمة لكون القرآن إنما أُنزل بلسانهم"(١).
ولا أدري ما هذه المفاهيم التي يعنيها المؤلف؟ ثم إن كانوا كذلك فلِمَ أنكروا كثيرًا من أحكامه التي قررها، الم يكن مثار عجبهم واستغرابهم أن جعل الآلهة إلهًا واحدًا؟ ؟ إن هذا أساس خطير لدعاة القومية، ليظهروا أن هذا القرآن لم يكن ذا فضل كبير على هذه الأمة. ولكن القرآن يقول:{وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ}[الأنعام: ٩١].
ويتحدث المؤلف عن اللغة القرآنية أداة لفهم القرآن، بأن القرآن ما قصد به، أن يكون أبعد من متناول مفاهيم العرب، ولا أن تكون مفرداته غير مألوفة "- وهذا مكرر بالطبع - ولا أن يكون قد قصد به أن يكون معجزًا في بلاغته اللغوية والنظمية والفنية"؟ ثم يقول:"إن التحدي وتقرير عدم إمكان الإتيان بمثله إنما هو للقرآن". ونلاحظ أن التكرار وعدم وضوح العبارة أمران جليان عند المؤلف الفاضل، هذه واحدة، أما الثانية فلقد جانب الصواب كلّ الصواب، وهو يقرر أنه لم يقصد بالقرآن أن يكون معجزًا، مع أن العرب، حتى الذين لم يؤمنوا منهم، بهرهم إعجازه في الآية والسورة قصيرة أو طويلة.