للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقيدة الهامة، التي جاء القرآن يصحح تصورات الناس عنها. لما لها من ارتباط وثيق بعقيدة التوحيد، ويقرر أن الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن فيها معلومات لم تكن معروفة عند العرب من قبل فلقد كانت الصورة في أذهانهم صورة مشوهة ناقصة.

[٧ - مشاهد الكون ونواميسه]

وهذا أيضًا من الخطة المثلى لتفسير القرآن كما يحددها الأستاذ دروزة، ولكنه في هذه كسابقتها أيضًا، كلّ همه أن يبين أن هذه النواميس وتلك المشاهد، لم تكن مجهولة لدى العرب قبل نزول القرآن، بل كانت صورها في أذهانهم كاملة كما أخبر عنها القرآن.

يقول المؤلف: "وإنه ليصح أن يقال بالإضافة إلى ما تقدم - وبناءً عليه: إن المضامين القرآنية في هذه المواضيع متسقة مع ما في أذهان سامعي القرآن عن مظاهر الكون ومشاهده ونواميسه، وتجلّي عظمة الله وقدرته فيها. وهذه النقطة متصلة بالمبدأ العام الذي ما فتئنا نقرره، من أن القرآن خاطب الناس بما يتسق مع ما في أذهانهم إجمالًا من صور ومعارف، لما يكون من قوة أثر في الخطاب فيهم بمثل هذا الأسلوب" (١).

وهذا قد يكون صحيحًا في بعض الجزئيات، مثل قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)} [الغاشية: ١٧ - ٢٠] إلا أن هناك آيات تذكر بعض المشاهد والنواميس الكونية، التي ما كان يعرفها العرب ولا غيرهم، وذلك مثل ما ورد في القرآن من أن السموات والأرض كانتا رتقًا، ومثل خلق الأرض في يومين، والسموات في يومين، وتزيين السماء الدنيا بمصابيح، وجعلها رجومًا للشياطين، وأطوار خلق الانسان.


(١) القرآن المجيد، ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>