للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفهم القرآن. وإذا كان الذين ينحرفون في التفسير، بعضهم ينحرف من حيث الاستناد إلى الآثار المروية، وبعضهم ينحرف من حيث صرف المعاني عن مدلولاتها اللغوية، وفريق ثالث حمل معاني القرآن لتوافق هوى في نفسه، فإن صاحب الفهم العصري، كان انحرافه من هذه الحيثيات مجتمعة.

وليس عجيبًا أن نجد مثل هذا التحريف لمعاني القرآن، لكنني أعجب حقًّا من قول الأستاذ مصطفى الطير بأنه يعز عليه أن يضعه في التفسيرات المريضة، لأنه أجاد في أكثر ما كتب، واحتوى كتابه على كثير من الفضائل والمحاسن. فلقد أعجبه أسلوب الكاتب الجذاب. وما كان ينبغي لهذا العالم الفاضل أن يصدر منه مثل هذا، والله سبحانه وتعالى يقول: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: ١٠٩]. وسأتتبع فصول هذا الكتاب، ليتبين لنا ما فيه من تأويل فاسد ومنزلقات خطيرة.

[المعمار القرآني]

في أثناء كلام الكاتب تحت هذا العنوان: "المعمار القرآني" ينتقل بين موضوعات كثيرة معلقًا حينًا ومستنتجًا حينًا، ومتحدثًا عن نفسه وطفولته وبيته حينًا آخر، ولن تعنيني الجزئيات والخصوصيات، فلن أناقش منها شيئًا، لكنني أتتبع المؤلف فيما يبدو لي خروجًا عن حق من مخالفة سنة، أو شطط في تأويل، أو إغراب في رأي. يحدثنا أنه نشأ في بيت لا إرغام فيه على التدين والمذاكرة، فكل يتحمل نتيجة عمله، فلم تكن أسرته كتلك (الأسر المتزمتة) التي تحشر العلم والدين حشرًا في عقول أطفالها بالكرباج والعصا) (١). وهنا لا بد أن أتدخل لتصحيح خطأ لأقول للكاتب، إنه ليس تزمتًا أن تعوَّد الناشئة لتعيش في جو التدين،


(١) ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>