للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث المدرسة التربوية الوجدانية]

كان سيّد قطب -رحمه الله- أكثر المفسرين التزامًا بآراء جمهور العلماء فلم يسمح لنفسه ولا لقلمه أن يسير وراء النظريات العلمية في تفسيره بل كان يحكّم النص ويجعله الأساس الذي لا ينبغي أن يعدل عنه كما أنه رحمه الله لم يرخِ العنان للعقل فيجعله قسيمًا للوحي ولكنه وقف موقف الناقد البصير من المدرسة العقلية والعلمية، فلقد كان للظلال مميزات (١) لا تتصل بالآراء العلمية والعقلية وإنما هي مميزات جوهرية تميزه عن جميع التفاسير، ذلك أن الطابع التربوي الوجداني والفقه الصحيح -أعني به الفقه الحركي للدعوة الإسلامية منذ نزول القرآن- من أهم ما قصده الرجل وهو يكتب، لذا أحببت أن أفرد له مدرسة خاصة به.

كان ظلال القرآن نسيج وحده من حيث تناوله تفسير القرآن الكريم، فلقد كان (في ظلال القرآن) نفثات صدر، وخوالج نفس، وصرخة فؤاد يحس قارِئُه أنه عصارة قلب، جمعت بين الألم والأمل، وهو جهد بشري يعتريه ما يعتري جهود البشر، وكما كان (في ظلال القرآن) نسيج وحده من تلك الحيثية السابقة، كان نسيج وحده كذلك من حيث الأسلوب، وهناك حيثية غير هاتين، فلقد كان أكثر


(١) مما تجدر الإشارة إليه أن كل ما ذكر في هذا الفصل فيما يتعلق بالظلال قد كتب عام ١٩٧١ م، إلا القليل جدًّا من الأمور التي كان يجب التنبيه عليها، وهي قضايا قالها ورددها بعض المعاصرين عرضوا فيها للظلال وصاحبه بالطعن والتجريح.
ولعل بعضًا ممن كتب عن الظلال قد اطلع على هذه الرسالة، وأفاد منها شيئا والذي يدعونا لهذا القول ما نجده من التوافق بين ما كتبه هؤلاء وما جاء في هذه الرسالة خصوصًا ما يتعلق بالخصائص التي ذكرتها للظلال. أو أن يكون ذلك موافقة بين الأفكار والآراء، فقد زاد بعضهم وفصّل كثيرًا، ونحن نشكر لكل من بذل جهدًا في الدفاع عن الظلال وصاحب الظلال رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>