للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

[تناوب حروف الجر]

الشيخ ابن عاشور لم يتابع المفسرين واللغويين في كل ما ذكروه، فهو في مواضع من تفسيره لا يرى بأسًا بتعاقب حروف الجر، وفي مواضع أخرى يرفض القول بإنابة الحروف، فقد ذكر أن اللام بمعنى (إلى) في قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [فاطر: ١٣] (١).

ولكنه رفض أن تكون (إلى) بمعنى اللام في قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: ١٢]. وقال: "إن جعل (إلى) بمعنى اللام بُعْدٌ عن بلاغة هذا النظم وخَلْطٌ للاعتبارات البلاغية" (٢).

ومن ذلك: ما ذكره عند تفسيره قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١)} [المعارج: ١] حيث قال: "ومن بلاغة القرآن تعدية (سأل) بالباء؛ ليصلح الفعل لمعنى الاستفهام، والدعاء، والاستعجال؛ لأن الباء تأتي بمعنى (عن) وهو من معاني الباء الواقعة بعد فعل السؤال، نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)} [الفرقان: ٥٩]، وقول عَلْقَمَة:

فإنْ تسألوني بالنساءِ فإنني ... خبيرٌ بأدواءِ النساءِ طبيبُ

أي: إن تسألوني عن النساء، وقال الجوهري عن الأخفش: يقال: خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. وجعل في "الكشاف" تعدية فعل (سأل) بالباء لتضمينه معنى عُني واهتمّ، وقد علمت احتمال أن يكون (سأل) بمعنى استعجل؛ فتكون تعديته بالباء كما في قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} [الحج: ٤٧] " (٣).


(١) ٢٢/ ٢٨١.
(٢) ١١/ ١١٢.
(٣) ٢٩/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>