٣ - ما كان تفسييرا لغويا للفظ، وذلك أن يحتمل اللفظ معنيين أو أكثر، وهو المشترك سواء كان من الأضداد أم لم يكن، وسيأتيك نبأ هذا كله إن شاء الله مفصلًا في الباب الثاني من هذا الكتاب.
[* شبهات أثيرت حول الصحابة رضوان الله عليهم وحول التفسير]
[الأولى: اتهام الصحابة بعدم النضوج العقلي]
عرفنا مما سبق أن نشأة التفسير قد بدأت وتكاملت في عهد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وأن نشأته لم تكن ناتجة عن عدم نضوج العقلية عند المسلمين، كما يرى الأستاذ أمين الخولي رحمه الله في منهج التجديد، وتابعه على ذلك صاحب نشأة التفسير (١).
ونحن إذ نستنكر هذا القول نتساءل: ألا يكون ناضجًا عقل هؤلاء وقد أصبح من بعدهم عالة عليهم فهمًا وحفظًا واستنباطًا واجتهادًا؟ ! أما إذا كان النضوج العقلي يقصد منه عدم معرفة ما حدث من تطورات الحياة فيما بعد، فإن أرسطو طاليس مثلًا لم يكن يعرف عود الثقاب، فهل يعدّه هؤلاء غير ناضج العقل؟ الحق أنه لا بد من الشعور بالإجلال والتقدير، ولا بد من اختيار الكلمات التي يحتم علينا الأدب أن نستعملها مع هؤلاء الصفوة المختارة.
ويتبين لنا مما سبق أن الصحابة رضوان الله عليهم، وقد نزل القرآن بلغتهم قد فهموا القرآن وإن كانوا قد تفاوتوا في هذا الفهم. ولم يكن القرآن بالنسبة لهم لغزًا يصعب حله، حتى هؤلاء الذين كانوا في مكة يناصبون القرآن العداء كانوا يتأثرون به ومنه.
[الثانية: شبهة على التفسير الأثري وردها]
يحلو لبعض الكتّاب أن يقارنوا بين القرآن وبين بعض الكتب الدينية. حتى ما
(١) يقول الدكتور سيد أحمد خليل: وكانت عقليتهم لم تبلغ بعد درجة النضج الذي توافر لها فيما ولي ذلك.