للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تقلبك في الساجدين) (١) مراقبتك لأصحابك وهم يصلون، ونحن نرجح القول الأول.

٣ - قوله سبحانه: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] حيث قال بعضهم إن المقصود في هذا الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهذا من أغرب التفاسير وأبعدها، لأنه يبتر سياق النظم من جهة ولا يعين عليه المعنى من جهة أخرى.

والمقصود بهذا الانسان الذي بدأ الحديث عنه في قوله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦].

فالحديث إذن عن هذا الإنسان الذي كان في غفلة عن الموت، فقبل الآية المذكورة قوله سبحانه {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقَال قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [ق: ٢١ - ٢٣] فسباق الآية ولحاقها يردّ التفسير الآنف ذكره.

٤ - وقريب من هذا وإن كان أقل غرابة وبعدًا تفسيرهم قوله تعالى {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: ١٥] حيث ذكروا أن الضمير يرجع إلى سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا لا يرجحه سياق الآية الكريمة وسيأتي لذلك مزيد تفصيل في تفسير هذه الآية إن شاء الله عند تفسير بعض آيات سورة الحجّ.

[الاختلاف الناشئ عن التفسير العلمي]

ولنختر بعض النماذج التي كان اختلاف المفسرين فيها ناشئًا عن التفسير العلمي في العصر الحديث. لقد كان كل الذي مر معنا من آيات كريمات اختلف حولها المفسرون مرجعه المفسرون قبل العصر الحديث، ولا بد حتى نوفي هذا الموضوع حقه أن نختار بعض النماذج التي كان للمحدثين فيها رأي.


(١) ينظر الكشاف ٣/ ٣٤١ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>