للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحدث عن هذه القضية في كتابه (موقف العقل)، وهو كتاب مكون من أربعة أجزاء، كما تحدث عنها في كتاب خاص بالقدر وما يتصل به، ونحن راضون بكل ما هو من الله تبارك وتعالى، لأن عبوديتنا لته لا تتم إلا بأمرين، أولًا: أن نفعل ما يرضيه، وثانيًا: أن نرضى بما يفعله، وأن ذلك كله من الحكم الإلهية، وما أجمل قول القائل:

يا حاكمي وحكيمي ... أفعالك الكل حكمة

وقول الآخر:

إذا ما رأيت الله في الكل فاعلًا ... وجدت جميع الكائنات ملاحا

وقول الآخر: لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع، وصدق الله تبارك وتعالى:

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٨].

[النعيم والعذاب الأخرويان]

ناقش مفهوم النعيم الأخروي، وأثبت بالبرهان أنه مادي حسي، وأنه على المثال الذي حكاه الله تعالى لنا، لأنه لا موجب لتأويل كلام الله مع تكرر نصوصه في ذلك، ونفى أن يكون الله قد أورد النعيم الأخروي وصوره للتأثير على أفكار العرب بما يحبون كما زعم ذلك بعض الأوروبيين ومن قلدهم من المسلمين، وأثبت بالبرهان العقلي أن البعث بالروح والجسد.

أما العذاب الأخروي، فللناس فيه مذاهب، فحمل جمهور المسلمين الآيات الواردة فيه على ظاهرها، وقالوا إنها نار متأججة لها شرور ووقود ودخان، إلخ، وقالت طائفة قليلة من الصوفية والمعتزلة: بل هي نار معنوية، وما ورد فيها من الآيات فهو من قبيل المجاز لا الحقيقة، كما هو أسلوب اللغة العربية في مواطن الترغيب والترهيب وما شاكلها، ويذهب بعض العصريين من أصحاب البصر في

<<  <  ج: ص:  >  >>