للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس وهي القتيل، فإن كان قاتلًا ظهر عليه انفعال نفسي ورعدة يعلم بسببها أنه القاتل دون سواه، أو هو على اتصال به. وجرى في تأويل قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} على ما جرى عليه سلفه في التفسير.

وكل من هذين الرأيين مخالف لما ورد عن السلف وبعيد عن أسلوب القرآن وبلاغته، ولو كان المراد من قوله: {يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} معنى الآيتين، لقال مثلًا: كذلك يحيي الله الناس، أو قال: ولكن في هذا الحكم حياة (١).

[د - الشيخ وآيات الأحكام]

رأينا من المفسرين المحدثين أناسًا يريدون أن يلزموا الناس بما يرتؤون ويعتقدون، وإلا وصفوهم بأوصاف لا تليق. ولكن مفسرنا رحمه الله لم يقف هذا الموقف، فهو لم يجرح أحدًا ولم يصفه بالتقليد، لمجرد التزامه بمذهب معين، بل رأيناه على العكس من ذلك، يجل الأئمة ويثني على العلماء ما دام اجتهادهم في الحد الذي يرضي الله، ولا يخرج عن قواعد الدين.

يقول عند تفسيره هذه الآية: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٦٩]: "وقد يخطر على بالك أن تقرير الأئمة المجتهدين لبعض الوقائع أحكامًا من طريق الاستنباط، قد يستندون في ذلك إلى دليل يفيد الظن بالحكم، ولا يصل إلى أن يفيد العلم به، فيكون افتاؤه في مثل هذه الوقائع من قبيل القول على الله بغير علم.

ويزاح هذا الخاطر بأنه قد انضم إلى ذلك الدليل الظني، أصل انعقد عليه الإجماع وأصبح مقطوعًا به، وهو أن كل مجتهد بحق يكون حكم الشرع في حقه أو حق من يتابعه، وهو الحكم الذي أداه إليه اجتهاده، وبمراعاة هذا الأصل المقطوع به، لم يكن المجتهد المشهود له بالرسوخ في العلم قائلًا على الله ما لا يعلم" (٢).


(١) أسرار التنزيل ص ١١٩، ١٢٠.
(٢) لواء الإسلام العدد السادس السنة الرابعة ص ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>