سنة ١٩٥٠ م، حيث كانت الانتخابات في مصر، ونجح فيها الوفديون بزعامة أحمد مصطفى النحاس باشا، وانهزم السعديون الذين كان منهم النقراشي، وكان أول ما عمله النحاس إلغاء قانون حل الجماعة، والسماح لها بالعودة، وعادت أحاديث الثلاثاء إلى ما كانت عليه من قبل، وكان الحديث الأول بعد غياب يقرب من ثلاث سنين أو يزيد عليها، كان الحديث الأول الذي جاء إليه الآلاف، بل الألوف، كان للشيخ أحمد حسن الباقوري - رحمه الله - وكان من أعضاء الجماعة، ولا زلت أذكر أنه بدأ حديثه بقوله: لقد كان هناك رجل واحد يمكن أن يلبي رغبة الجماهير عواطف وعقولًا ومشاعر، وما أظن أن غيره يستطيع أن يقنع هذه الجماهير كلها ويمتعها، نعم، ليس هناك إلا رجل واحد، هو الأستاذ الشيخ حسن البنا رحمه الله. وهنا انطلقت أصوات البكاء، بما لا يمكن لأحد أن يصفه وصفًا دقيقًا.
تلك أحداث شهدتها، لا أود أن أسترسل، مع أني والله أحب الاسترسال، ذلكم هو الأستاذ البنا جزاه الله خيرًا على بنائه هذه الأسرة الطيبة التي كان لها أعظم الفضل في هذه الصحوة الإسلامية، وسيبقى هذا الأثر، وسيشهد المسلمون بإذن الله النتائج والعواقب الطيبة.
لقد كان الأستاذ البنا إمامًا أراد أن يجمع المسلمين على كلمة واحدة، وكان يقول: ما أحوج المسلمين في بقاع الأرض أن يجتمعوا على ما اتفقوا عليه، وهو كثير، وأن يعذر بعضهم بعضًا فيما اختلفوا عليه، وهو قليل، كان يذكر المسلمين وإنما في أخوتهم في كل كلمة يتكلمها، مبنيًا لهم أن هذه الاخوة واجب، لا تقل عن وجوب الصلاة والصيام والزكاة والحج، كان يبين لهم أن الواجبات أكثر من الأوقات.
[* كلام بعض العلماء في الشيخ حسن البنا]
١ - يقول الداعية الإسلامي الكبير أبو الحسن الندوي - رحمه الله - عن شخصية البنا بأنها: "العقل الهائل النير، والفهم المشرق الواسع، والعاطفة القوية