منسجم مع ما قرره من قبل من أن العرب كانوا يعرفون كلّ شيء. فالحديث عن الآخرة كغيرها من القصص والمشاهدات والجن، أمور معلومة عند العرب ومعروفة لديهم. ويزيد هنا بأنها جاءت على سبيل التقريب والتشبيه، والأغرب من هذا أنه يعدّها من الوسائل التدعيمية، وذلك لأنه يقسم القرآن كما علمنا إلى أسس ووسائل، مع أن الحياة الآخرة من أهم الأسس التي جاء القرآن، ليثبت في القلوب الإيمان بها، وأن الدنيا بكل ما فيها ليست شيئًا يذكر بالنسبة للَاخرة، بقي أن يقال إن أخبار القرآن عن الآخرة، إنما هي حقائق، لا على سبيل التقريب والتشبيه كما توهّم.
[٩ - ذات الله في القرآن]
يرى المؤلف أن ما ورد في القرآن من حديث عن الله وصفاته، منه ما جاء على سبيل التقريب، كاليد والنفخ والاستواء والقبض والطي، ومنه ما جاء ضوابط لمنع إرادة المماثلة، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] وملاحظة هذا بالنسبة للمفسر، وبالنسبة لكون هذه من خطة التفسير، مهمة كما يقول:"وتجعله يقف - أي المفسر - من هذه التعابير والأسماء والصفات، عند الحد الذي وقف عنده القرآن، ويفهم منها الأهداف التي استهدف تقريرها بها دون تزيد ولا تكلف ولا تمحّل"(١) وسنعلق على هذا حينما نتعرض للتفسير.
[١٠ - تسلسل الفصول القرآنية وسياقها]
يقول: "إن أكثر الفصول والمجموعات في السور القرآنية، متصلة بالسياق ترتيبًا أو موضوعًا، أو سبكًا أو نزولًا وأن فهم مداها ومعانيها وظروفها الزمنية والموضوعية وخصوصيتها وعموميتها وتلقينها وتوجيهها وأحكامها، فهمًا صحيحًا