للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْل الثَّالثِ مخالفة المفسرين

من البدهي أن المفسرين -رحمهم الله- وإن كانوا أئمة أعلامًا، فإنّهم يؤخذ منهم ويرد عليهم، ومن هنا وجدنا أن الردّ على المفسرين قد اشتهر في القديم والحديث، ولا أتحدث هنا عن المخالفات المنكرة للمفسرين، التي يكون مصدرها الأهواء أو الفرق أو النحل الباطلة أو الجهل، وإنما أذكر المخالفات التي لها نصيبٌ ولو كان ضئلًا من النظر، وسأكتفي بذكر بعض النماذج، ولن أثقل عليك أيها القارئ الكريم:

وقفة موجزه مع المفسّرين:

١ - يذكر أبو عبيدة في مجاز القرآن عند تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: ١١] مجازه: . يُفرِغ عليهم الصبر وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم" (١). ولكن هذا القول من أبي عبيدة لا يعجب الإمام الطبري فهو يقول: وقد زعم بعض أهل العلم بالغريب من أهل البصرة، أن مجاز قوله "ويثبت به الأقدام" يفرغ عليهم الصبر، وينزله عليهم فيثبتون لعدوهم، وذلك خلاف لقول جميع أهل التأويل من الصحابة والتابعين وحسب قول خطأً أن يكون خلافًا لقول من ذكرنا، وقد بينا أقوالهم فيه، وأن معناه وثبتت أقدام المؤمنين بتلبيد المطر الرمل حتى لا تسوخ فيه أقدامهم وحوافر دوابهم" (٢).

٢ - عند تفسير أبي حيان لقوله سبحانه {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: ٢٤] يقول: طوَّل المفسرون في تفسير هذين الهمَّين، ونسب بعضهم ليوسف ما لا


(١) مجاز القرآن (١/ ٢٤٢).
(٢) الطبري (٩/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>