للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شاء أن يزيغه أزاغه لا يقر بأن الله على كل شيء قدير، ومن لا يقر بأنه استوى على عرشه بعد أن خلق السموات والأرض، وأنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا يقول: من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، وأنه نزل إلى شجرة فكلم موسى كلمة منها، وأنه ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة حين تخلو من سكانها، وأنه يجيء يوم القيامة فيفصل بين عباده، وأنه يتجلى لهم ويضحك، وأنه يريهم نفسه المقدسة، وأنه يضع رجله على النار، فيضيق بين أهلها، وينزوي بعضها إلى بعض، إلى غير ذلك من شؤونه وأفعاله التي من لم يقر بها لم يقر بأنه على كل شيء قدير، فيالها كلمة من حبر الأمة، وترجمان القرآن" وأنا لا أود أن أعلق على مثل هذا القول، لكني ما كنت أود أن يصدر عن نحرير مثل ابن القيم رحمه الله، وأن ينقله أخ كاتب، تلمس في كتابته رواء الفكر، والجدّة في التأصيل، وأتساءل أيّ مسلم وأيُّ مؤمن حتى أولئك الذين ليسوا على هذه الملة ينكر أن الله على كل شيء قدير؟ أيجوز أن نقوّل الناس ما لم يقولوه؟ أيجوز أن نأخذ النتائج من غير المقدمات؟ ! ما كان ينبغي أن نلزم الناس بما نفهمه من أقوالهم، أو بما ينبغي أن نردّ عليهم به، وإنما ينبغي أن تكون نظرتنا للناس سواءً، فلا نقبل قولًا لأن قائله فلان أو نرد قولًا لأن قائله علّان، وكلٌّ يؤخذ منه ويردّ عليه إلا سيد المعصومين -صلى الله عليه وسلم-.

٤ - ويقول الكاتب الفاضل: "ومما يجدر التنبيه عليه هنا أنه قد يرد عن السلف تفسير لبعض صفات الله بلازمها، فيظن القارئ لها أن السلف يؤولون صفات الله سبحانه، وهذا ليس بصواب، وذلك لأن الأصل عند السلف هو أن صفات الله على الحقيقة، ولا يجوز التأويل، فإذا رأيت مثل هذا فاعلم أنهم لا يؤولون، لأنه لم يرد عن أحدهم أنه أنكر الصفة، وفرق بين إنكار الصفة والتفسير باللازم" (١).

ما أجمل أن يسع بعضنا بعضًا فيما اتفقنا عليه، وأن يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.


(١) فصول في أصول التفسير ص ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>