على حُدوثها فعلًا والناس دائمًا عشاق لما هو غير مألوف لهم. فحينما يقول عيسى عليه السلام أنا أفعل كذا وكذا من هذه الأمور الغريبة، أيعقل ألا يطلبوا منه ذلك؟ وهذا موسى عليه السلام حينما قال لفرعون، وهو من هو في عتوه واستكباره، {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ}[الشعراء: ٣٠] فيقول فرعون دون تمهل أو تريث {فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
وأما قول الإمام رحمه الله بأن المعجزات تجري على أيدي الأنبياء، حينما يطلبها منهم أقوامهم فهذا صحيح. ولا يمنع هذا من أن هناك معجزات للأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يطلبها أحد من أقوامهم. ومع أنه لا يفيده في مدعاه، فإن تحديد نوع المعجزة، إنما يكون حسب مشئية الله وحكمته، فليس فرعون الذي حدد المعجزة لموسى عليه الصلاة والسلام، وكذلك يقال في معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
[٢ - الاعتقاد بنزول عيسى بن مريم عليهما السلام]
يذكر عند تفسير قول الله عز وجل:{إِذْ قَال اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[آل عمران: ٥٥]. أن للعلماء طريقتين في تفسيرها: إحداهما وهي المشهورة، أنه رفع حيا بجسمه وروحه، ثم ينزل في آخر الزمان، ويردها، ويذكر الطريقة الثانية دونما رد كأنما هي رأيه. يقول:
(والطريقة الثانية أن الآية على ظاهرها، وأن التوفي على معناه الظاهر المتبادر، وهو الإماتة العادية وأن الرفع يكون بعده، وهو رفع الروح، ولا بدع في إطلاق الخطاب على شخص وإرادة روحه، فإن الروح هي حقيقة الإنسان، والجسد كالثوب المستعار فإنه يزيد وينقص ويتغير، والإنسان إنسان لأن روحه هي هي، ولصاحب هذه الطريقة في حديث الرفع والنزول في آخر الزمان تخريجان: أحدها أنه حديث آحاد متعلق بأمر اعتقادي لأنه من أمور الغيب، والأمور الاعتقادية لا يؤخذ فيها إلا بالقطعي؛ لأن المطلوب فيها هو اليقين، وليس في الباب حديث