أما التوسل، فلم يرد فيه حديث إلا من طريق الآحاد، ولا أثر لهذا الأمر في القرآن ولا في السنة المتواترة، ولم يرد على ألسنة الصحابة كما تدل عليه الأدعية المأثورة عنهم من طريق صحيح.
والذي نراه اجتناب الأمور المشكوك فيها احتياطًا للدين.
أقول: لقد صحت الأحاديث التي تثبت شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أما التوسل فقد وردت فيه أحاديث آحاد، ، لذلك اختلف الناس فيه اختلافا كبيرًا، فمنهم المفرِط ومنهم المفرِّط، منهم من يعدّ أن التوسل نوع من أنواع الشرك الأكبر، ومنهم من يفتح فيه الباب على مصراعيه، ولكلٍّ من هذين الفريقين ما ينبغي أن ينُاقش فيه، ولقد ذكر العلامة الألوسي في تفسيره الفذ روح المعاني عند تفسير قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٣٥] كلامًا كثيرًا ناقش فيه الآراء المتعددة، وخلص إلى القول بأن التوسل لا يجوز بأحد من الخلق إلا للرسول عليه وآله الصلاة والسلام، ومن قبل الألوسي رحمه الله ذكر العلامة المناوي في كتابه كثير الفوائد (فيض القدير شرح الجامع الصغير) عند شرحه لحديث الأعمى الذي طلب من الرسول أن يدعو الله ليعيد له بصره، ذكر رحمه الله أن التوسل بالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أمرًا مجمعًا عليه لم يخالف فيه أحد من العلماء، حتى جاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله الجميع، فهو أول من حرم التوسل بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولست بصدد مناقشة هذه القضية لكني أحببت أن أعلق على ما ذكره الأستاذ محمد فريد وجدي رحمه الله.
[القضاء والقدر في نظر القرآن]
النظر المجرد في الكون يدلنا على أنه قائم على نظام ثابت والبحث في هذا يدلنا على أن له قوانين ونواميس تمسكه وتحفظه، فلا تحدث في الهواء حركة ولا تسقط من شجرة ورقة إلا تبعًا لقانون ثابت، وفاعل مؤثر، هذا الأثر مشاهد في عوالم