للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي لم تكن قد ظهرت في عصر الصحابة رضوان الله عليهم.

وهناك بادرة ينبغي أن ننبه عليها وهي أن البذرة الأولى للتفسير بالرأي ظهرت في عهد التابعين، كما نراه مثلًا في بعض تفسيرات مجاهد.

٢ - أشهر المفسرين في عهد التابعين (١):

بعد أن اتسعت الدولة الإسلامية، كان من الطبيعي أن لا يبقى أصحاب الرسول عليه وآله الصلاة والسلام ملتزمين بيئة واحدة، إذ تفرقوا في البلاد التي بسط الإسلام عليها سلطانه، وأشرق فيها نوره، لينهل الناس من علمهم، ومن هنا فإن أمكنة عديدة كانت منارات لنشر العلم بعامة والتفسير بخاصة، وأشهر هذه الأمكنة التي كان يتلقى التابعون فيها التفسير من الصحابة رضوان الله عليهم هي مكة والمدينة والكوفة، ففي مكة المكرمة عبد الله بن عباس، وفي المدينة المنورة أبيّ بن كعب وفي الكوفة عبد الله بن مسعود، ولما كان ابن عباس رضي الله عنهما، من انتهت إليه الشهرة في التفسير، رأينا أن أعلم الناس بالتفسير تلاميذه، ورأينا التفسير ينتقل للعالم الإسلامي أكثر ما ينتقل عن هؤلاء التلاميذ. ولعل هناك سببًا آخر لهذا، وهو أن مكة المكرمة فيها بيت الله العتيق مهوى الأفئدة. ومهما يكن من أمر فمن هذه المنارات الإسلامية اشتهر أعلام كانوا المرجع لكل من أراد أن ينهل من كتاب الله. ومن هؤلاء الأعلام في مكة سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وطاوس وعطاء. ومنهم في المدينة المنورة زيد بن أسلم وأبو العالية ومحمد بن كعب القرظي. ومنهم في الكوفة علقمة بن قيس ومسروق والحسن البصري وقتادة وغيرهم.

قال ابن تيمية: (وأما التفسير فأعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن


(١) آثرت هذا التعبير على تعبير (مدارس التفسير في عهد التابعين)، لأن المدرسة في لغة العصر ما كان لها مميزات وأسس.

<<  <  ج: ص:  >  >>