للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث التفسير في عهد التابعين -رضوان الله عليهم-]

التابعون هم الذين ورثوا علم الصحابة رضوان الله عليهم. ولا شك أن عصر التابعين هو خير العصور بعد عصر الصحابة، يقول الرسول عليه وآله الصلاة والسلام (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) (١) وإذا كان ورع التابعين وعلمهم من المكانة بحيث لا يسعنا إلا أن نوليه من الاهتمام ما يتسع له الجهد، فإنه ينبغي ألا يفوتنا أن نقرر أن التفسير في عصر التابعين، امتاز عنه في عصر الصحابة بميزات كان لها أثر فيما بعد.

وإذا كان الأئمة قد اختلفوا في قول الصحابي في التفسير أهو حجة أم لا؟ فإن هذا الاختلاف من الأولى أن يكون في تفسير التابعين. ولقد فرعوا على ذلك خلافًا آخر هو: هل تفسير التابعين من التفسير المأثور؟ فهو من المأثور في إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها ابن عقيل من أئمة الحنابلة. وقال أبو حيان: (وقد جرينا الكلام يومًا مع بعض من عاصرنا، فكان يزعم أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تراكيبه، بالإسناد إلى مجاهد وطاوس وعكرمة وأضرابهم. وأن فهم الآيات متوقف على ذلك، والعجب له أن أقوال هؤلاء كثيرة الاختلاف متباينة الأوصاف متعارضة ينقض بعضها بعضًا) (٢). ثم قال (وهذا كلام ساقط).

والذى أفهمه من قول أبي حيان أنه لا يعده -أى تفسير التابعين- من التفسير بالمأثور، والذي أرتأيه أن التفسير بالمأثور يشمل فيما يشمل ما كان بيانًا لمناسبة نزلت فيها آية، أو توضيحًا لمعنى مبهم يبينه الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وغير هذا لا يعد من التفسير بالمأثور، حتى لو روي عن أعظم الصحابة، وأعلمهم، وليس معنى


(١) رواه البخاري جـ ٥ ص ٣.
(٢) البحر المحيط جـ ١ ص ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>