للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث نماذج من أقوال المفسرين في هذا الاتجاه]

ويحسن أن أورد الآن بعض النماذج مما كتبه المفسرون في هذا الاتجاه لتلقي ضوءًا على ما ذكرته آنفًا:

١ - يقول صاحب المنار (١) (الإسلام دين العقل والفكر) تقرأ الكتاب المقدس فلا تجد فيه كلمة (العقل، ولا ما في معناها .. لا لأن هذه المادة لم تذكر في كتب العهدين مطلقًا، بل لأنها لم ترد فيها أساسًا لفهم الدين ودلائله والاعتبار به، ولا أن الخطاب بالدين موجه إليه وقائم به وعليه، وكذلك أسماء التفكر والتدبر والنظر في العالم التي هي من أعظم وظائف العقل. أما ذكر العقل باسمه وأفعاله في القرآن الحكيم فيبلغ زهاء خمسين مرة، وأما ذكر أولى الألباب أي العقول ففي بضع عشرة مرة، وأما كلمة أولي النهي .. فقد جاءت مرة واحدة من آخر سورة طه (٢) .. كذلك آيات النظر العقلي والتفكر كثيرة في الكتاب العزيز، فمن تأملها علم أن أهل هذا الدين، هم أهل النظر والتفكر والتعقل والتدبر، وأن الغافلين عن الدين يعيشون كالأنعام، لا حظ لهم منه إلا الظواهر التقليدية. التي لا تزكي الأنفس ولا تثقف العقول، ولا تصعد بها في معارج الكمال بعرفان ذي الجلال والجمال .. وقد صرح بعض حكماء الغرب بما لا يختلف فيه عقلان في الأرض، من أن التفكر هو مبدأ ارتقاء البشر وبقدر جودته يكون تفاضلهم فيه. ولقد كانت التقاليد الدينية قد حجرت حرية التفكر، واستقلال العقل على البشر، حتى جاء الإسلام فأبطل في كتابه هذا الحجر وأعتقهم من هذا الرق. وقد تعلم أهل الغرب هذه الحرية من المسلمين


(١) الوحي المحمدي ص ٢٤٢ - ٢٤٤ الطبعة الثانية بيروت.
(٢) ذكرت مرتين في سورة طه في وسطها وآخرها {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} وقوله {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى}.

<<  <  ج: ص:  >  >>