للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر إنه من قد علمتم. فدعاني ذات يوم فأدخلني معهم. فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فقال لي: (كذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: (لا)، قال: فما تقول؟ ) قلت: هو أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه له (قال) {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، وذلك علامة أجلك، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا) فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقوله رواه البخاري (١).

ولعل بعض الصحابة كانوا يأخذون على ابن عباس رضي الله عنهما كثرة تفسيره للقرآن، ومع إجماعهم على فضل ابن عباس وسبقه في هذا الأمر، فإن الشافعي رضي الله عنه كان يقدم قول زيد في الفرائض، لقول الرسول عليه وآله الصلاة والسلام (أفرضكم زيد) (٢) ونجد لابن عباس عدة خلافات في آيات المواريث لم يأخذ بها الصحابة، ولكن هذا العالم الجليل قد افتُريَ عليه كثيرًا لأسباب عديدة، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: (لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث) (٣).

[أسباب قلة الروايات عن الصحابة في التفسير]

وهنا مسألة لا بد من بيانها والوقوف عندها، وهي أن ما نقل عن الصحابة من تفسيرات القرآن، لم يكن شيئًا كثيرًا، بل إنه أقل مما نقل عنهم في أمور أخرى كالفقه والفتاوى. وذلك لا يرجع بالطبع لعدم اهتمامهم بالقرآن، معاذ الله، ولا يرجع كذلك لعدم فهمهم لآيات القرآن وعدم حفظ أكثرهم له، وإنما يرجع ذلك


(١) صحيح البخاري كتاب التفسير- سورة النصر.
(٢) الترمذي جـ ٥ ص ٦٦٥ وقال حديث حسن صحيح.
(٣) مناقب الشافعي للبيهقي تحقيق السيد أحمد صقر (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>