الحياة الحاضرة وكأنما هو يتنزل اللحظة لمواجهة الجماعة المسلمة في شؤونها الجارية وفي صراعها الراهن مع الجاهلية من حولها، وفي معركتها كذلك في داخل النفس وفي عالم الضمير بنفس الحيوية ونفس الواقعية التي كانت له هناك يومذاك ... وإذا كان من المضحك أن يقول قائل عن الشمس مثلًا: هذا نجم قديم (رجعي) يحسن أن يستبدل به نجم جديد (تقدمي) أو أن هذا الإنسان مخلوق قديم (رجعي) يحسن أن يستبدل به كائن آخر (تقدمي) لعمارة هذه الأرض. إذا كان من المضحك أن يقال هذا أو ذاك فأولى أن يكون هذا هو الشأن في القرآن خطاب الله الأخير للإنسان.
ولنأت إلى الموضوع الأول -وهو ما شارك فيه المفسرين- لنعرض بعض النماذج ونرى أين يقف سيد من المفسرين:
[الموضوع الأول: ما شارك فيه سيد المفسرين]
[١ - المفسر وفواتح السور]
لم يخرج سيد وهو يتكلم عن فواتح السور عما قاله المفسرون، فهو يذكر أن في المسألة آراء كثيرة تخير واحدًا منها على سبيل الترجيح وهو أن هذه الحروف جاءت للإعجاز والتحدي، ولكن الذي يجلب الانتباه عند سيد ذلك المثل الذي يضربه ليقرب للقارئ هذا المعنى بتصوير بديع، ولنقتطف من كلامه شيئًا:
(والشأن في هذا الإعجاز هو الشان في خلق الله جميعًا، وهو مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس، إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات فإذا أخذ الناس هذه الذرات، فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة أو آنية أو أسطوانة أو هيكل أو جهازًا كائنًا في وقت ما يكون ... ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة، حياة نابضة تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز، سر الحياة ... ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر ولا يعرف سره بشر وهكذا القرآن ...