وعند قوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}[الأعراف: ١٨٧] من سورة الأعراف، يكتب ما يزيد على أربعين صفحة عن علامات الساعة، وبعد أن يقسم هذه العلامات ويناقش أحاديث عمر الدنيا، يعقد فصلين أحدهما يناقش فيه أحاديث الدجال والجساسة، ويناقش في الثاني أحاديث المهدي.
[١ - إشكالاته على أحاديث الدجال وردها]
يقول في الفصل الأول (١) بعد نقله عن ابن الجوزي، بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كان يقدر تقديرًا في هذه المسائل، إذ لم يوح الله تعالى إليه أخبارها تفصيلًا.
(إن أحاديث الدجال مشكلة من وجوه).
أحدها: ما ذكرناه آنفًا من منافاتها لحكمة إنذار القرآن الناس، بقرب قيام الساعة وإتيانها بغتة.
ثانيها: ما ذكر فيها من الخوارق التي تضاهي أكبر الآيات التي أيد الله بها أولي العزم من المرسلين، أو تفوقها، وتعد شبهة عليها .. فكيف يؤتى الدجال أكبر الخوارق لفتنة السواد الأعظم من عباد الله.
ثالثها: وهو من متعلقات ما قبله، أن ما عزي إليه من الخوارق، مخالف لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنصوص القرآن القطعية أنه لا تبديل لسنته تعالى ولا تحويل، وهذه الروايات المضطربة المتعارضة لا تصلح لتخصيص هذه النصوص القطعية ولا لمعارضتها.
رابعها: اشتمال بعض هذه الأحاديث على مخالفة بعض القطعيات الأخرى من الدين، كتخلف أخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو كونها عبثًا، وإقرارهم على الباطل وهو محال في حقهم.