للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: ١٥٨] يقول: (وأقوى الأحاديث الواردة في طلوع الشمس من مغربها، ما رواه البخاري في كتاب الرقاق، عن أبي هريرة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ... } واخرج الترمذي وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة أيضًا، وقد رفعه (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض) وهو مشكل مخالف للأحاديث الأخرى الواردة في نزول المسيح بعد الدجال وإيمان الناس به، والمشكلات في الأحاديث الواردة في أشراط الساعة كثيرة، أهم أسبابها فيما صحت أسانيده، واضطربت المتون، وتعارضت أو أشكلت من وجوه أخرى، أن هذه الأحاديث رويت بالمعنى، ولم يكن كل الرواة يفهم المراد منها، لأنها في أمور غيبية، فاختلف التعبير باختلاف الأفهام، على أنهم اختلفوا في ترتيب هذه الآيات، ومما استشكل أن علة عدم قبول الإيمان بعد طلوع الشمس من مغربها، لا تنطبق على من رآها أو رويت له بالتواتر ... هذا. وإن أبا هريرة رضي الله عنه لم يصرح في هذه الأحاديث بالسماع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيخشى أن يكون قد روى بعضها عن كعب الأحبار وأمثاله فتكون مرسلة).

وإذا كان الشيخ يقف من أبي هريرة رضي الله عنه هذا الموقف، فإنه يتعداه إلى غيره من الصحابة رضوان الله عليهم، فهو يشكك في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري، يقول: (ومن هذه الأحاديث في الباب حديث أبي ذر جندب بن جنادة، الذي يعد متنه من أعظم المتون إشكالًا، فهو يقول إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله: أتدري أين تذهب الشمس إذا غربت؟ قال: قلت لا أدري. قال: إنها تنتهي دون العرش فتخر ساجدة، ثم تقوم حتى يقال لها ارجعي. فيوشك يا أبا ذر أن يقال ارجعي من حيث دخلت، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل (١).


(١) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب رقم ٤، رقم الحديث ٣١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>