رحمهما الله. وكنت أودّ أن لا يَكثرُ الحديث حول هذه القضية؛ لأنها قضية المدّعى عليه فيها مجهول.
ونحن نعلم بداهة عندما تناقش قضية من القضايا مما اختلفت فيها آراء العلماء أن لكل رأي قائلًا يدافع عنه، يقال ذهب فلان إلى كذا، وقال فلان آخر كذا، ففي الفقه مثلًا يقال قال الشافعية كذا وقال الحنفية كذا، وفي التفسير يقال: قال ابن جرير كذا، وقال الزمخشري كذا، وفي الحديث يقال: قال صاحب الفتح ابن حجر كذا، وقال العيني في عمدة القارئ كذا، وفي أصول الفقه يقال: قال الآمدي كذا وقال ابن الحاجب كذا، وفي النحو يقال: قال سيبويه كذا وقال المبرد كذا. أما قضيتنا هذه فيقولون: منع قوم التفسير بالرأي، أما من هم هؤلاء القوم ومن هذه الجماعة، فإنهم لم يذكروا شخصًا معينًا، يمكن أن يوجه إليه القول لمناقشته.
وأنقل هنا كلمة للشيخ الذهبي من كتابه التفسير والمفسرون:
يقول:"اختلف العلماء من قديم الزمان في جواز تفسير القرآن بالرأي، ووقف المفسرون بإزاء هذا الموضوع موقفين متعارضين: فقوم تشددوا في ذلك فلم يجرءوا على تفسير شئ من القرآن، ولم يبيحوه لغيرهم، وقالوا: لا يجوز لأحد تفسير شيء من القرآن، وإن كان عالمًا أديبًا، متسعًا في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، وإنما له أن ينتهي إلى ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابة رضي الله عنهم، أو عن الذين أخذوا عنهم من التابعين، وقوم كان موقفهم على العكس من ذلك، فلم يروا بأسًا أن يفسروا القرآن باجتهادهم ورأوا أن من كان ذا أدب وسيع فموسع له أن يفسر القرآن برأيه واجتهاده"(١).
[رأينا في القضية]
والذي أوقن به أن أئمتنا -رحمهم الله- كانوا يفترضون أن هناك مخالفًا