ومع أن ما قرره الأستاذ المراغي رحمه الله قد سبق إليه، إلا أن أستاذنا الشيخ محمد الصادق عرجون، لم يعجبه ما قاله الشيخ المراغي، وهو أن القرآن قرر ما دل عليه العلم، وقال:(إن القرآن لم يقرر ذلك أبدًا، نعم جاء في القرآن الكريم {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}[الأنبياء: ٣٠] وهذا ليس تقريرًا لما قاله العلماء)، واستدل بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، من أن السماوات فتقت بالمطر، والأرض فتقت بالنبات، ولقد مر طرف من هذا في الباب الأول، وذكرنا هناك أن كون السماوات والأرض كانتا رتقًا ثم فتقهما الله، وهو ما قررته بعض النظريات روي كذلك عن ابن عباس.
[تقويم التفسير]
ومما سبق ندرك أن ما فسره الأستاذ المراغي على قلته، يعكس لنا صورة صادقة لتأثره بأستاذه الإمام، لا من حيث الفكرة فقط، بل من حيث تشابه العبارات وتجانس الأسلوب، ومهما يكن من أمر فإن تفسير الشيخ المراغي، وإن لم يكن فيه ابتكار، إلا أن شخصية الأستاذ العلمية أضفت عليه أسلوب الجِدّة، رحم الله الأستاذ المراغي، وجزاه عن كتابه وأمة نبيه عليه وآله الصلاة والسلام، وجرأته في الحق خير الجزاء.