البهائم، بل في حرية يصبح بها فيما فيه خيره وسعادته) وهذا الكلام شبيه كل الشبه بما نقلناه من قبل، عن الأستاذ الإمام عند الحديث عن هداية القرآن.
أما موقف الأستاذ من التفسير العلمي للآيات الكونية، فمع أنه ليس من رأيه أن يفسر القرآن حسب نظريات العلم، إلا أننا نجده ينساق، ليكون في قافلة هؤلاء العلماء، الذين يفسرون الآيات حسب النظريات المستحدثة، يقول عند تفسيره لقول الله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠)} [لقمان: ١٠].
(السماوات مجموع ما نراه في الفضاء فوقنا، من سيارات ونجوم وسدائم، وهي مرتبة بعضها فوق بعض، تطوف دائرة في الفضاء، كل شيء فيها في مكانها المقدر له بالناموس الإلهي ونظام الجاذبية، ولا يمكن أن يكون لها عمد، والله هو ممسكها ومجريها إلى الأجل المقدر لها، فإذا قيل إن نظام الجاذبية، وهو الناموس الإلهي قائم مقام العمد، ويطلق عليه اسم العمد، جاز أن نقول إن لها عمدًا غير منظورة، وإذا لاحظنا أنه لا يوجد شيء مادي تعتمد عليه، وجب أن نقول إنه لا عمد لها، وأقدار الأجرام السماوية وأوزانها أقدار وأوزان لا عهد لأهل الأرض بها ... والأرض نفسها إذا قيست بهذه الأجرام، ليست إلا هباءة حقيرة في الفضاء ... قرر الكتاب الكريم أن الله {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}[فصلت: ١١]، وهذا الذي قرره الكتاب الكريم، هو الذي دل عليه العلم، وقد قال العلماء: إنَّ حادثًا كونيًا جذب قطعة من الشمس وفصلها عنها، وإن هذه القطعة بعد أن مرت عليها أطوار تكسرت، وصارت قطعًا كل قطعة منها صارت سيارًا من السيارات، وهذه السيارات طافت حول الشمس وبقيت في قبضة جذبتها، والأرض واحدة من هذه السيارات، فهي بنت الشمس، والشمس هي المركز لكل هذه السيارات ... فليست الأرض هي مركز العالم كما ظنه الأقدمون، بل الشمس هي مركز هذه المجموعة، والشمس وتوابعها قوى صغيرة في العالم السماوي.