فنستفيد من الآية الكريمة: سعة باب الرجوع إلى الله تعالى. فإن تاب العبد، فذاك هو الواجب عليه، والمخلِّص له - بفضل الله - من ذنبه. وإن لم يتب فليدم الرجوع إلى الله تعالى بالسؤال والتضرع، والتعرض لمظان الإجابة وخصوصًا في سجود الصلاة، فقمين - إن شاء الله تعالى - أن يستجاب له.
[شر العصاة]
وشر العصاة هو الذي ينهمك في المعصية، مصرًا عليها، غير مشمئز منها، ولا سائل من ربه - بصدق وعزم - التوبة منها، ويبقى معرضًا عنه ربه كما أعرض هو عنه، ويصر على الذنب حتى يموت قلبه. ونعوذ بالله من موت القلب فهو الداء العضال الذي لا دواء له.
[دواء النفوس في التوبة]
وجاء لفظ "الأوابين" لأواب، وهو فعّال من أمثلة المبالغة، فدل على كثرة رجوعهم إلى الله. وأفاد هذا طريقة إصلاح النفوس بدوام علاجها بالرجوع إلى الله؛ ذلك أن النفوس - بما ركب فيها من شهوة، وبما فُطرت عليه من غفلة، وبما عرضت له من شؤون الحياة، وبما سلط عليها من قرناء السوء من شياطين الإنس والجن، لا تزال - إلا من عصم الله - في مقارفة ذنب، ومواقعة معصية صغيرة أو كبيرة، من حيث تدري ومن حيث لا تدري. وكل ذلك فساد يطرأ عليها، فيجب إصلاحها بإزالة نقصه، وإبعاد ضرره عنها. وهذا الإصلاح لا يكون إلا بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
ولما كان طروء الفساد متكررًا فالإصلاح بما ذكره يكون دائما متكررًا.
والمداومة على المبادرة إلى إصلاح النفس من فسادها. والقيام في ذلك، والجد فيه، والتصميم عليه، هو من جهاد النفس الذي هو أعظم الجهاد.