يجمع المفسرون على أن آيات سورة النجم {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم: ١٣ - ١٨] تحدثت عما كان للرسول - صلى الله عليه وسلم - من كرامة عند ربه ليلة المعراج لكن مفسرنا الكريم يأبى هذا، معللًا ذلك بأن هذه السورة كانت من أوائل سور القرآن نزولًا، وأن المعراج كان متأخرًا، ولهذا فهو ينكر أن تكون هذه الآيات تعني تلك الحادثة، ويرى أن المعراج كان رؤيا منامية. ولعل من الخير أن ننقل ما قاله في هذا الموضوع. يقول معلقًا على هذه الآيات التي ذكرناها؟ "في الآيات إشارة إلى مشهد روحاني آخر، شاهده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشاهد فيه ما شاء الله أن يشاهده من آيات الله الكبرى"(١).
ويعلق على حادثة الإسراء والمعراج، بقوله: "ولقد ذكر معظم المفسرين أن هذه الآيات تشير إلى حادث العروج النبوي إلى السماء، وأوردوا في ذلك أحاديث وروايات كثيرة، فيها شيء غير يسير من التقارب، فهل كان ذلك يقظة أو منامًا وإذا كان يقظة كان مشهدًا روحيًا أو وحيًا؛ هذا أولًا.
وثانيًا: إن معظم الروايات تقرن الإسراء والمعراج معًا، مع أن حادث الإسراء ذكر في القرآن في سورة الإسراء غير مقترن بشيء آخر. ومن الروايات ما يذكر الإسراء وحده دون المعراج، ومنها ما يجعل الإسراء والمعراج أكثر من مرّة.
وثالثًا: إن في الروايات تضاربًا من حيث وصف الإسراء والمعراج، فمنها ما يذكر أن هذه الحادثة كانت بعد البعثة بخمسة عشر شهرًا، وهذا ما يطابق نزول سورة النجم، ولا يطابق نزول سورة الإسراء التي نزلت متأخرة. ومنها ما يذكر أنهما وقعا بعد البعثة بخمس سنين، وهذا يطابق سورة الإسراء دون النجم، وهناك روايات تذكر أنهما قبل الهجرة بخمس سنين أو بسنة واحدة وهذا لا يطابق نزول