حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلامًا وأوزانًا ويجعل منها الله قرآنًا، والفرق بين صنع البشر وصغ الله من هذه الحروف والكلمات هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض ... هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة.
[٢ - المفسر والآيات العلمية]
ترى في أي اتجاه سيسير صاحب الظلال وهو يتحدث عن الإشارات الكونية في القرآن؟ أيسير مع هؤلاء الذين يرقصون طربًا، ويفرحون جذلًا، حينما يستشفون من قرب أو بعد اتفاق قضية علمية مع آية من كتاب الله، ولو كانت نظرية لا تزال، ليثبتوا أن القرآن كتاب الله ومن هنا جاء يقرر تلك المسائل العلمية قبل أزمنة بعيدة، أم مع أولئك الذين يرفضون كل الرفض، ويأبون كل الإباء أن تفسر آي القرآن بشيء من مسائل العلم، ولو كانت حقائق ثابتة، ولا يسمحون بأن يستشهد بآية من كتاب الله على مسألة ما، ولو كان ذلك دون المساس بالتفسير، بحجة أن القرآن لم يأت بشيء من هذا؟ ! ، يقينًا إنه لا يسير مع الفريق الأول الذين يلهثون وراء النظريات العلمية أيًا كانت؛ ذلك لأن إيمانه بأن القرآن كتاب الوجود الأكبر الذي ينظم شأن الإنسان ويسمو به، يجعله يحدد موقفه، من تلك القضية التي طالما تشعبت فيها الآراء، تحديدًا دقيقًا، فالقرآن الذي يسمو به الإنسان ليس كتابًا يتحدث عن الآلة الصماء لأن الله الذي خلق الإنسان تكفل أن يهديه ليطلع على أسرار هذا الكون بفكره، وإذا كان صاحب الظلال لم يسر مع هذا الفريق فهل تستطيع أن تجعله من الفريق الآخر الذين ينكرون على الذي يحوم حول المسائل العلمية وهو يفسر آي القرآن حتى لو كان ذلك استطرادًا أو إشارة دون أن يمس قدسية الآية أو أن ينال من لغتها أو مما ورد فيها من الآثار الصحيحة؟ الحق أننا ونحن نستعرض موقفه نجد أن الرجل الذي كان معتدلًا في نظرته لتلك الأمور غير متنكب لصراط الحق السوي لا يتجاوز نص الآية أو روحها، ولكنه لا يجمد كذلك على ما ذكره المتقدمون، دون أن يفيد من ظلال الآيات الممتدة في جذور الحياة وثنايا الكون، فهو لا يأبى أبدًا أن