للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقريب من هذا قول بعضهم إن من أسباب اختلاف المفسرين اختلاف القرّاء في الوقف والوصل، وهذا مردود كذلك، لأن اختلافهم في الوقف والوصل ناشئ عن اختلاف المعنى، فالشأن في الوقف والوصل كالشأن في الإعراب فكلاهما فرع عن المعنى. وهذه أمثلةٌ للاختلاف في الوقف والوصل.

اختلاف التفسير المسبِّب للاختلاف في الوقف والوصل:

أولًا: قال تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١ - ٢] ذكر الزمخشري رحمه الله أن الأليق بالبلاغة أن تكون هذه الجمل الأربع مستقلة كلٌّ على حدة: الأولى "ألم". الثانية "ذلك الكتاب". الثالثة: "لا ريب فيه". الرابعة "هدى للمتقين".

هذا هو المشهور عند المحققين من العلماء، لكن رأينا بعضهم يجعلها ثلاث جمل: الأولى "ألم". الثانية "ذلك الكتاب لا ريب". الثالثة "فيه هدى للمتقين".

ولا شكّ أن الأليق بالنظم الكريم هو الأوّل، فعليه يكون الكتاب كلُّه هدى. أمَّا على الثاني فيكون فيه هدى.

ثانيًا: قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: ١٠٢].

للمفسرين آراء في تفسير الآية الكريمة، فبعضهم يرى أن هناك ملكين كانا يعلمان الناس السحر بما أنزل عليهما، وذهب آخرون وهو ما أرجحه أن لا ملكين، وإليكم بيان ذلك:

لقد نُسجت قصص كثيرة حول تفسير الآية الكريمة جُلّها ممّا لا يتفق مع شرع الله، ويتنافى مع عصمة الملائكة والأنبياء - عليه السلام - وهؤلاء يرون أن (ما) في الآية الكريمة اسم موصول، واختلفوا في محله من

<<  <  ج: ص:  >  >>