الإعراب، فبعضهم يرى أن محله الجرّ؛ لأنه معطوف على ملك سليمان والمعنى عند هؤلاء: إن هؤلاء اليهود اتبعوا ما تقوله الشياطين على ملك سليمان وعلى الذي أنزل على الملكين، وذهب آخرون إلى أن محله النصب معطوف على (ما) في قوله واتبعوا ما تتلو الشياطين والمعنى واتبع اليهود ما تتخرص به الشياطين على ملك سليمان، واتّبعوا ما أنزل على الملكين.
ولكنّ أكثر المفسرين رأى أنَّه في محلّ نصب معطوف على السحر، والمعنى ولكنّ الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ويعلمونهم ما أنزل على الملكين.
وعلى هذه الأقوال جميعها لا يوقف على كلمة السحر، بل ينبغي أن توصل بما بعدها {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ}. هذا كله إذا عددنا ما اسما موصولًا.
لكنّ المحققين من العلماء ذهبوا مذهبًا آخر، وفهموا الآية فهمًا نرجو أن يكون أقرب إلى السداد، فهم ينكرون القصة من أساسها، ينكرون أن هناك ملكين أنزل عليهما من السماء ما يتصل بالسحر من أجل تعليم الناس، ينكرون هذا من أساسه، و (ما) عند هؤلاء المحققين ليست اسما موصولًا، بل هي حرف نفي، والمعنى: أنَّه ليس هناك ملكان أنزل عليهما شيء من هذا، فـ (ما) نفي للقيد والمقيد، أي لم ينزل شيء على الملكين، لأنه ليس هنا ملكان وهذا الرأي - كما قلت - ذهب إليه كثير من المحققين وهو ما أختاره؛ لأنه أكثر انسجامًا مع قيم القرآن الكريم وفطرة الإِسلام وعلى هذا الرأي ينبغي أن يقف القارئ عند قوله سبحانه {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ثمَّ يستأنف {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} أي لم ينزل على الملكين شيء، لأنه ليس هناك ملكان بهذه الصفة (١) أرأيتم عناية العلماء بالمعنى الذي هو الأليق في فهم الآية الكريمة وكيف يتأثر الإعراب والوقف في تنوع هذه المعاني؟