للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥].

للقرّاء طريقان في الوقف فبعضهم وقف عند قوله "من ربه" ثمَّ استأنف "والمؤمنون كلٌ آمن" فيكون المؤمنون مبتدأ وما بعده خبره، وبعضهم وقف عند قوله "والمؤمنون" واستأنف "كلٌ آمن" فيكون "والمؤمنون" معطوفًا على "الرسول".

والذي هو أوفق وأعظم دلالة على منصب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأوّل لا ريب؛ لأنَّ إيمان الرسول مختلف عن إيمان غيره، فهو إيمان مكاشفة وعيان. وهذا ما ذهب إليه المحققون من الأئمة والجهابذة من المفسّرين. قال العلّامة أبو السعود رحمه الله: "وتغيير سبك النظم الكريم عمّا قبله لتأكيد الإشعار بما بين إيمانه عليه السلام المبني على المشاهدة والعيان وبين إيمانهم الناشيء عن الحجة والبرهان من التفاوت البين والاختلاف الجلي كأنهما متخالفان من كل وجه حتى في هيئة التركيب الدالّ عليهما وما فيه من تكرير الإسناد لما في الحكم بإيمان كل واحد منهم على الوجه الآتي من نوع خفاء محوج إلى التقوية والتأكيد أي كل واحد منهم آمن" (١).

رابعًا: قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: ٣٠].

وقف الأكثرون عند قوله "من سوء" واستأنف "تودّ لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا" فيكون المعنى: يوم يجد كل إنسان عمله خيرًا أو شرًّا ثمَّ استؤنف فقيل "فماذا يكون موقف فاعل الشرّ؟ " قيل: تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدًا بعيدًا.


(١) تفسير أبي السعود: ١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>