إن كل من يقرأ ما كتبه المفسر في مقدمة تفسيره -القرآن المجيد- وهو يلوم على المفسرين، ويبحث عن الثغرات في تفاسيرهم، حتى إنه لم يبرئ تفسيرًا قديمًا أو حديثًا من هذه الثغرات. أقول كل من يقرأ ذلك، ترتسم في ذهنه ومخيلته صورة حياة مشرقة عن التفسير الحديث.
ولكن الحقيقة أن هذا التفسير -الذي أراد له صاحبه أن يكون جامعًا لمحاسن التفسير، بريئًا في ثغراتها، حسبما رسم في خطته المثلى للتفسير- كان بدعًا من التفاسير، لا من حيث ترتيبه فحسب، ولا من حيث منهجه كذلك، ولا من حيث ما ورد فيه من أفكار وآراء وإنما من هذه الحيثيات جميعها.
لقد تكلم الأستاذ عن القصص القرآني، فكان التطبيق العملي الذي جاءنا به، كثرة الاستشهاد بالإسرائيليات دون تمييز، بين ما يخالف العقيدة الإسلامية وإجماع الأمة على عصمة الأنبياء عليهم السلام، وهو الذي كان يعيب على المفسرين أقلّ مما ذكره.
وحينما تكلم عن الآيات الكونية جردها من حقائقها، وحصرها في نطاق وعظي فحسب، وكان حريًا به أن يفعل بالقصص مثل هذا.
أما في آيات الأحكام، فلقد رأينا الرجل ينزلق انزلاقات خطيرة، لا من حيث التناقض والخطأ في بعض المسائل، وإنما من حيث الاضطراب والتشويش اللذان ينعكسان على القاري.
ولقد خلا التفسير بعد ذلك كله، من الاصطلاحات العلمية الضرورية، ومن مواطن الإشارة لبيان أسرار الإعجاز، من عرض الهدايات القرآنية عرضًا شيقًا سليمًا، اللهم إلا بعض لفتات سجلناها له.
وبهذا يكون التفسير على ما فيه من فوائد وعلى ما له من مزايا خلا من كثير من خصائص التفسير قديمها وحديثها.