للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر خلافات المفسّرين يَرجع إلى الرأي والاجتهاد وأمثلة لذلك:

تلك بعض الاختلافات في التفسير التي يرجع الخلاف فيها إلى القراءات الصحيحة أو إلى اختلافهم في المعنى اللغوي للكملة؛ وما سوى هذين فإن الخلاف يرجع فيه إلى الرأي والاجتهاد. وهذا يتضح من الأمثلة الآتية:

أولًا: قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢].

اختلف المفسّرون في معنى الآية الكريمة فذهب بعضهم إلى أن المقصود بقوله "فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة" هم طلبة العلم، فالنفر في الآية الكريمة المقصود به طلب العلم وليس الجهاد، ويرى هؤلاء أنّ المؤمنين ينفر بعضهم إلى الجهاد وينفر بعضهم إلى طلب العلم. وقال آخرون إنّ المقصود بقوله "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة" هو النفر إلى الجهاد، وهؤلاء في ذهابهم إلى الجهاد يتفقهون في الدين تفقّهًا عمليًا حتى إذا رجعوا إلى قومهم أنذروهم وعلموهم.

ومن أصحاب الرأي الأوّل ابن عاشور في "التحرير والتنوير" والشيخ محمَّد أبو زهرة في تفسيره "زهرة التفاسير" ورجّح هذا الرأي من قبلهما صاحب روح المعاني.

ومن أصحاب الرأي الثاني شيخ المفسّرين الطبري، وتبعه صاحب الظلال سيد قطب -رحمهم الله جميعًا- وسأنقل لكم ما قاله ابن عاشور من أصحاب القول الأوّل، وما قاله سيد قطب من أصحاب القول الثاني.

قال ابن عاشور رحمه الله: "وإذا قد كان من مقاصد الإسلام بثّ علومه وآدابه بين الأمّة وتكوين جماعات قائمة بعلم الدين وتثقيف أذهان المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>