للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون هذا الإنسان قد بلغ من البلاهة حدًّا، بحيث لا يعرف أن هذا الحجر الذي نحت من الجبل، لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما، ولم يخلق أنفسنا، ونحن الذين أوجدناه وهندسناه وأبرزناه، إن العقل يأبى أن يصدق أن هذه الأمم العظيمة الكبيرة، الحكيم علماؤها، تبقى مخدوعة هكذا آلاف السنين، إذن لا بد أن يكون هناك أصول رجعت إليها، وعوامل عولت عليها وأحوال فقهتها، حتى بقيت تلك الديانات فيها، وهل يدوم ما لا أصل له، وهل للخداع ثبات؟ (١)، ثم ينقل كلامًا عن الرازي للجواب عن هذا التساؤل. فيعقب الشيخ الحمامي على ذلك ويسأل ما إذا كان القارئ سيفهم أن طنطاوي يدافع عن المشركين بهذا الكلام، ولوجه صحة إشراكهم.

٣ - هل الأخلاق الفاسدة وإغواء الشياطين رحمة (٢):

يقول الشيخ طنطاوي (إن ما في الأرض من الأخلاق الفاسدة، وإغواء الشياطين الأرضية، كل ذلك رحمة، لأنه لولاه لم تحتمل العقول شموس المعارف العلمية، التي تستعد لها النفوس الأرضية بفطرتها). ويعقب الشيخ الحمامي على ذلك بقوله، (إن هذا يتنافى مع قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}، ثم يذكر المفسر بقول الشافعي رضي الله عنه:

شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأنَّ العلمَ نورٌ ... ونورُ اللهِ لا يُهدَى لعاصي

وهناك ملحوظات أخرى لا أريد التطرق لها خشية الإطالة، ولأنها إنما جاءت من استرسال الأسلوب، وعدم وضوح العبارة في بعض الأحيان.

وأكتفي بما ذكرت عن الشيخ وتفسيره، ولعلي أكون قد أعطيت صورة واضحة الرؤية، غير مجانبة للإنصاف في تلك النبذ التي كتبتها، والتي حتم اختصارها


(١) الجواهر جـ ١ ص ٣٨.
(٢) الجواهر جـ ١٨ ص ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>