ونهج في تفسيرها نهج الشيخ رشيد رضا رحمه الله، ونسج على منواله.
ونختار فيما يلي نماذج من تفسير الشيخ البنا على كلتا الطريقتين:
أولًا: نماذج من تفسيره الوعظي الدَّعوي:
١ - فسَّر الشيخ البنا رحمه الله قوله تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٥١] وقال بعنوان (من وظائف القائد)، فقال:[من ص ١١٣ - ص ١١٥].
تسير البشرية قُدُمًا نحو الكمال الذي كتبه الله لها يوم شاء أن يستخلف الإنسان في الكون وسخَّر له ما في السماوات، وما في الأرض جميعًا. والبشرية في محاولتها هذه أحيانًا تستوحي الشحر والخيال وتستلهم منه صورًا رائعة جميلة وإن كانت بين الخطأ والصواب، وأحيانًا تستوحي الفكر والعقل، فيرشدها إلى تجارب في تكوين الأمم، وتربية الشعوب كثيرًا ما تكون طويلة المدى، وكثيرًا ما تنزع بها المماكسات العاطفية ونحوها إلى جهة الخطأ، فتصبح عقيمة النتائج فاسدة الآثار.
لهذا اقتضت حكمة الله - تبارك وتعالى - ورحمته بالناس وهو ربهم البر الرحيم أن يشد أزر العقل والقلب بنواميس. ونظم إلهية تقرب على الإنسانية المدى وترشد البشرية إلى مدارج الكمال الذي كتب لها.
وجاء الرسل الكرام بهذه النواميس وتلك النظم، فكان كل منهم الزعيم الرباني لأمته الذي يصلها بأسباب السماء ويصف لها نظم الحياة في الأرض، تسمع عن زعماء الشعر وقادة العواطف، وتسمع عن أساطين العلم والأدمغة الكبيرة، وتسمع عن زعماء الأمم في السياسة والاجتماع والثورات الفكرية أو العملية، وتسمع عن قادة الحروب وبناة الدول، فتصف أولئك جميعًا بالزعامة وترى فيهم رؤوسًا تنهض بالإنسانية نحو الكمال.